You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode

أعزائنا القرّاء، يسرّنا إعلامكم بأن ملوك الروايات يوفر موقعًا مدفوعًا وخاليًا تمامًا من الإعلانات المزعجة، لتستمتعوا بتجربة قراءة مريحة وسلسة.

لزيارة الموقع، يُرجى النقر هنا.

هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 3

الفصل الثالث
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
“سنقضي عليه بسهامنا، يا سيدي فوردجال!” اقترح أحد الرماة.
” لا! يجب أن نأسر هذا البربري حيًا. حتى أنا سأضطر للانسحاب إذا عاد البرابرة الآخرون بتعزيزات. سيكون هذا رمزًا رائعًا لأرضنا المكتشفة حديثًا وهدية رائعة لجلالته ” صرخ فوردجال وهو يمسك سيفه من النصل مقلوبًا. كانت هذه المناورة باستخدام المقبض والقبضة كسلاح غير حاد مهارةً إمبراطوريةً في المبارزة تُسمى “قبضة النصل”.
“هل تلوح بسيفك أمامي؟ هل أبدو لك مزحة؟ يا أولاد العاهرة ” أذهلت حركة فوردجال السخيفة بسيفه يوريتش. ثم أدرك أن الرماة المحيطين به لا ينوون إطلاق سهامهم.
“هل يحاولون أسري حيًا؟” عبس يوريتش في ذهول. لطالما واجه الرعب في كل معركة خاضها، ومع ذلك، هؤلاء الرجال الغرباء يُشعرونه بإذلال لم يشعر به من قبل.
دفع الغضب يوريتش إلى قبضته حتى توترت ذراعاه. وتلاشى كل شيء في الخلفية.
اقترب فوردجال تدريجيًا من يوريتش بينما كان الرجال الآخرون يراقبون بأعين مفتوحة على مصراعيها، حتى لا يفوتوا أي فعل.
ووش!
بدا يوريتش هو من بدأ التحرك. اندفع للأمام وهو يرمي بفأسه على فوردجال. أصاب الفأس، الذي قُذف بقوة، خوذة فوردجال.
اتسعت عينا فوردجال عندما أدرك مكان إصابة الفأس. “لقد صوّب النصل نحو فجوة خوذتي. هل قصد حقًا هذا الهدف الصغير؟” واجه فوردجال البربري وهو يندفع نحوه بلا هوادة، وهو يلوّح بفأسه الآخر بقوة كما لو على وشك شق رأسه نصفين.
“يا لك من بربري!” أطلق فوردجال زئيرًا وهو يلوح بسيفه المقلوب، بهدف ضرب صدر يوريتش بمقبض سيفه.
تبادل فوردجال ويوريتش الضربات. سال الدم من وجه فوردجال. بدا يوريتش قد جرح خده.
“أطلقوا النار عليه الآن!” صرخ فوردجال.
أطلق الرماة سهامهم على هدفهم بسرعة. وسرعان ما غطت عدة سهام ظهر يوريتش.
“حماية السير فوردجال!”
قيّم فوردجال الجرح الذي أحدثه البربري في خده. “لقد أسقط خوذتي برمية فأس واحدة ليتمكن من ضرب رأسي العاري بالأخرى”. مع أن يوريتش كان بربريًا فحسب، إلا أن فوردجال انبهر بمهارته.
“احصل عليه!”
أحاط الرجال الآخرون بيوريتش وانهالوا عليه ضربًا بلا رحمة بأسلحتهم الحادة. لم يستطع يوريتش إلا أن يركع والسهام تبرز من ظهره.
“هذا يكفي، يجب القبض عليه حيًا!” أمر فوردجال رجاله ووجد يوريتش ملقى على الأرض، وقد تعرض للضرب حتى أصبح قطعة من العجين.
“يا لك من محظوظ يا رجل المعدن!” ضحك يوريتش. لو أن يوريتش ضربه أعمق قليلًا، لكان رأس فوردجال قد انكسر إلى نصفين.
“اصمت أيها البربري!” سخر الرجال من يوريتش وهم يصفعونه على وجهه. ورغم أنهم لم يفهموا بعضهم البعض، إلا أن ألفاظًا مسيئة دخلت إلى حديثهم.
“السيد فوردجال، يجب عليك أن تضمد جرحك في أسرع وقت ممكن.”
“تخلصوا من ذلك البربري أيضًا. لا نعلم متى سيعود الباقون.” قال فوردجال لرجاله وهو يحدق في يوريتش، الذي لم يرف له جفن حتى أزالوا السهام من ظهره.
“هذا البربري يتمتع بشجاعة هائلة ومهارة قتالية لا تشوبها شائبة… هل البقية كذلك؟ علينا الخروج من هنا قبل أن يعودوا. ”أثار البرابرة الذين فروا خلال المعركة قلق فوردجال. يعلم أن رجاله مجرد مستكشفين، وأنهم لن يتمكنوا من الصمود أمام أي هجوم بربري آخر.
” لم تصل السهام إلى العمق المطلوب يا سيدي فوردجال. تبدو قوة عضلاته أفضل من عضلاتنا. وإلا لكانت السهام قد وصلت إلى أعضائه وقتلته. لكن هذه الجروح لا تزال عميقة، لذا ستتفاقم بسرعة إذا أجبرناه على التحرك دون راحة أو تعافي مناسبين. إن حالفه الحظ، فسيجتاز الجبال. وإن لم يحالفه الحظ، فسيموت.”
” آه، لهذا السبب أردتُ أسره دون أن ألحق به إصاباتٍ كثيرة. حسنًا، إن مات، فليموت. لنبدأ.”
نهض فوردجال بعد أن ضمد جرح خده. ثم نزع رجاله دروعه وتشاركوا في حمل أجزائها.
“انهض أيها البربري!”
أُجبر يوريتش على رفع جثته المُصابة. كانت هناك حبال حول يديه وعنقه ليتمكن رجال فوردجال من خنقه بسهولة وإغمائه تحسبًا لأي انتقام.
“هل أتسلق الجبال؟ هؤلاء الرجال حقًا من الجانب الآخر!” اتسعت عينا يوريتش.“ إذًا، وراء الجبال عالم آخر من البشر. إنه ليس عالمًا للأموات!”
رغم وقوعه في الأسر، أشرقت عينا يوريتش حماسًا وإلهامًا. كانت عيناه المتألقتان قد تعلقتا بالفعل بما وراء الجبال.

*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com

“ابدأ بالتحرك!”
شدّ الرجال حبال يوريتش. ولأنه جُر، لم يكن أمامه خيار سوى التعثر.
“يا إلهي، هذا يؤلمني بشدة.” ازداد ألم جروح السهم في ظهر يوريتش شدةً وهو يُجرّ. بعض العلاجات العشبية والراحة قد تُساعد، لكن هذا لم يكن خيارًا.
’إنهم يأخذونني إلى الجانب الآخر’. بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. كانت شفتاه ترتعشان من الخوف والإثارة.
“هل هذا هو عالمكم؟ فوق هذه الجبال؟” سأل يوريتش الرجال، لكن لم يُفهم. بل قُوبِل بنظرات فوردجال ورجاله الباردة وهم يسيرون في صمت.
* * *
أدرك يوريتش الآن تمامًا سبب عدم تمكن محاربي قبيلته من التغلب على جبال السماء.
بو! بو! بوو!
الانخفاض الكبير في درجة الحرارة أثناء صعودهم إلى الارتفاع يجعل أسنانه تصطك.
“هذا بارد جدًا، يا إلهي!”
بدا الجبل باردًا جدًا حتى أن الناس شعروا وكأن الصوت نفسه يمكن أن يتجمد، و الأمر يزداد سوءًا مع استمرار الرجال في الصعود.
ووش!
هبت ريح باردة عاتية جعلت يوريتش يرتجف بشدة، بينما كان أنفاسه المنهكة تخرج من فمه ببخار كثيف. بدا يوريتش من سهول وغابات حيث لم يكن البرد مشكلة. كان المناخ دافئًا بما يكفي للتجول براحة بملابس قليلة جدًا.
“ه …
“انظروا كم هو شاحب! كيف لن يتجمد حتى الموت قبل أن نعود؟”
ألبس الرجال يوريتش طبقاتٍ متعددة من الملابس القطنية، لم يرها من قبل. كما اعتنوا بجروحه يوميًا وتأكدوا من سلامته طوال الرحلة.
“يجب إبقاء هذا البربري على قيد الحياة حتى نسلمه إلى جلالته.” كان فوردجال يطالب رجاله باستمرار.
كان رجال فوردجال في الأرض الواقعة خلف جانبهم من الجبال، وقد اكتشفوا حتى سكانها.
“جبال السماء ” قال فوردجال في رهبة.
كان منظر الجبال المهيب، الذي بدا كأنه أساس السماء المتين، يثير الإعجاب في كل من يراه. ولهذا السبب، أطلق الناس على هذه الجبال اسم “جبال السماء”. خضع فريق بعثة فوردجال لفترة تحضير استمرت عشر سنوات لتسلق هذه الجبال. ومن خلال تجارب عديدة، تمكنوا من تجاوز جميع العقبات والوصول إلى الجانب الآخر. وكان اكتشافهم لأرض جديدة وللبرابرة ثمرة جهودهم الثمينة.
“هذه الأرض، هؤلاء الناس، يستحقون الغزو.”
استنشق فوردجال نفسًا خفيفًا من هواء الجبل البارد. سرعان ما تبددت البرودة في رئتيه.
” بلارغ!”
تقيأ يوريتش وهو يندفع إلى الأمام دون سيطرة. ضحك الرجال ضحكة مكتومة كما لو كانوا يتوقعون ذلك.
“انظروا إلى أنفسكم أيها البربريون! هذا يُشعركم بالغثيان.”
لم يكن الأمر نفسه مشكلةً بالنسبة لفوردجال وفريقه الاستكشافي. فقد أمضوا شهورًا يعيشون عمليًا في الجبال للتأقلم تدريجيًا مع المرتفعات الشاهقة. لم يكن يوريتش على علمٍ بمثل هذا المرض، ولذلك اعتقد أن تدهور حالته الصحية ناجمٌ فقط عن الجروح.
“الوضع يزداد سوءًا. عليّ الخروج من هنا قبل فوات الأوان.”
كانت مرونة يوريتش الاستثنائية هي الشيء الوحيد الذي أبقاه يتحرك دون أن ينهار. استمر في تحريك يديه ليمنعهما من التجمد. ’يجب أن أبقي يديّ متحركتين. يجب أن أبقيهما دافئتين’.
شعر يوريتش بتراجع سريع في حدة إدراكه. فإلى جانب ضعف قواه العقلية، لاحظ أن حتى الخطوات الصغيرة كانت شاقة كركض سريع. ازدادت ضبابية ما يحيط به، كما لو كان غارقًا في حلم حمى. كانت هذه كلها علامات على داء المرتفعات الناجم عن انخفاض تشبع دمه بالأكسجين.
هف… هف…
بدا يوريتش على وشك الجنون من شدة البرد والدوار والغثيان المتواصلين، لكنه تحلى بالصبر. كان يستخدم كل طاقته المتبقية للحفاظ على جميع حواسه متيقظة.
يا إلهي، لقد نجحنا! تخطى هذه العاصفة الثلجية اللعينة! ” هتف قائد الرحلة بارتياح. وصل الفريق أخيرًا إلى أرض منبسطة نادرة نصبوا فيها معسكرهم سابقًا.
“ما أجمل هذا المنظر!” أبدى الرجال انبهارهم وهم ينظرون إلى السهول والغابات الخضراء التي لا نهاية لها أسفلهم.
“هيا، علينا أن نقيم مخيمنا قبل غروب الشمس.”
انشغل الرجال بتجهيز معسكرهم ليلاً، وخفّضوا حذرهم تجاه يوريتش مؤقتًا. لم يكن يحمل الحبال التي تثبت يدي يوريتش ورقبته سوى رجلين.
قيّم يوريتش محيطه بحركة سريعة من عينيه. لاحظ أنماط حركة جميع الرجال في محيطه.
“لقد أخطأتم ” قال يوريتش للمستكشفين. لم يفهموه. “أتظنون أنكم تستطيعون تثبيتي بهذه الحبال الرقيقة؟”
شدّ يوريتش كل عضلة في ذراعيه بقوة حتى تضخمت عروقه على وجهه. انقطعت الحبال حول يديه كخيوط. كانت قوته تفوق ما يعرفه هؤلاء الرجال.
بوو!
” واو، هيّا! اسحب! اسحب الحبل!”
أمّن يوريتش مسافةً بين الحبل وعنقه بوضع أصابعه بينهما. يعلم أنه إذا سمح لهؤلاء الرجال بشد الحبل حول رقبته، فسيفقد وعيه بسبب انقطاع تدفق الدم إلى دماغه.
“همف!”
استخدم يوريتش جذعه القوي للانحناء للأمام. أما الرجل الذي يمسك بالحبل حول رقبته، فقد جُرّ إلى أسفل بلا حول ولا قوة.
“هناك شيءٌ يمكنك التباهي به في العالم السفلي. لقد قُتلتَ على يد يوريتش، محارب قبيلة الفأس الحجرية!”
وضع يوريتش رأس الرجل العاجز بين ركبته ومرفقه، قبل أن يدفع بمرفقه في رأس الرجل.
بوو!
انفجر رأس الرجل كالبطيخة. جمّد هواء الجبل البارد سائل دماغه لحظة ملامسته للأرض، وأحاط بخار الدم الدافئ بيوريتش.
“لقد تحرر البربري !”
ترك الرجال الآخرون ما كانوا يفعلونه، وسارعوا إلى محاصرة يوريتش. أخرج يوريتش سيفًا من حزام الرجل الذي قتله قبل لحظات.
بوو!
تم سحب السيف بسلاسة بفضل دهن النصل بالزيت الذي كان مقاومًا حتى لظروف الجبال القاسية.
“يا له من سيفٍ مُبهر، مصنوع من معدنٍ مُذهل! ”بمجرد أن أمسك يوريتش السيف، انبهر بمدى توازنه. أدرك أن أهل الجبال أكثر تقدمًا في التعامل مع المعادن.
بوو!
لم تُبدِ العاصفة الثلجية أي علامة على التوقف. لوّح يوريتش بسيفه على المستكشفين العاجزين، فقتلهم واحدًا تلو الآخر. لم يكن لدى معظم هؤلاء الرجال خبرة قتالية كافية لحماية أنفسهم من ضربات يوريتش القاسية.
رغم إرهاق يوريتش ومرضه، إلا أنه كان محاربًا يتمتع بمهارة وخبرة لا مثيل لهما. من لم يُكرّس حياته للقتال لم تكن لديه فرصة لمواجهته.

قُتل خمسة رجال بسيفه في لمح البصر. قبل أن يتجمد الدم، مسحه يوريتش بكمه عن النصل. مهما كان السيف جيدًا، فإنه سيفقد فاعليته إذا تجلط الدم أو تجمد على نصله. “كيف نجا من الحبال؟ هل كسرها بقوته فقط؟ حسنًا، لا أظن أن سؤاله له جدوى لأنه لا يتحدث لغتنا.” تمتم فوردجال في نفسه وهو يخرج من الثلج. كان قد خرج لجمع الحطب للمخيم. عندما سمع صراخ فريق الاستكشاف، هرع عائدًا إلى موقع الحادث. بوو! استل فوردجال سيفه ورفع درعه. مع ذلك، لم تعد لديه ميزة الدرع الكامل الذي ساعده في معركته الأولى ضد يوريتش. “اسمي يوريتش. من قبيلة الفأس الحجرية.” شدّد يوريتش على اسمه وهو يرفع سيفه. وصلت الرسالة إلى فوردجال. ” حتى لو كنتَ مجرد بربري ضعيف يا “يوريتش”، فأنا متأكد أن محاربًا من عيارك يفهم معنى الشرف. أنا فوردجال آرتن، فارس الإمبراطورية! ” عبّر فوردجال عن احترامه بتقاطع سيفه ودرعه. اشتدّت العاصفة الثلجية لدرجة أنه أصبح من الصعب الوقوف ساكنًا دون فقدان التوازن. دُفنت جثث المستكشفين الذين سقطوا تحت الثلوج المتساقطة. “أعرف اسمك الآن يا فوردجال آرتن ” قال يوريتش لفوردجال وهو يتعثر نحو الأخير. لم يكن ينوي إطالة هذه المعركة، فهو يفقد قوته كل ثانية. “لن تستطيع هزيمتي يا فوردجال ” همس يوريتش كالشبح وهو يلف ذراعه. اخترق طرف سيفه فجوةً صغيرةً رآها في درع فوردجال. “كيوغ!” قام فوردجال بمد درعه في محاولة لصد السيف. “أيها البربري الأحمق! لن تتمكن من اختراق درعي. بمجرد أن أكسر درعك، سينتهي أمرك!” افترض فوردجال أن الدروع لم تكن أمرًا شائعًا لدى البرابرة، وكان مُحقًا. فشعب يوريتش كانوا يستخدمون الدروع لحمايتهم من السهام. لم يكونوا مُفضلين إطلاقًا في مثل هذه المعارك المُتقاربة. لكن استخدام السيف والدرع في القتال المُتقارب كان بمثابة قوت يوم لفرسان مثل فوردجال. منذ أن كان مُتدربًا صغيرًا، بذل جهدًا كبيرًا في إتقان العديد من المهارات والحركات المُختلفة التي يتذكرها في تلك اللحظة. “هاه؟” اظهر فوردجال تعبيرًا مذهولًا. لم يشعر بقوة السيف التي تضرب درعه كما توقع. تخلص يوريتش من السيف وانقضّ على جانب فوردجال بقبضته الملفوفة. بوو! دفن يوريتش قبضته الشبيهة بالصخر في وجه فوردجال. شعر فوردجال بتأثير اللكمة يتردد صداه حتى رأسه عبر عضلاته المتوترة. بوو! أمسك يوريتش بيدي فوردجال وسحق أصابعه. لم يعد فوردجال قادرًا على استخدام سيفه. “آ …” قبضته الوحشية جعلت فوردجال في حالة من عدم التصديق. لم يستطع تصديق أن يوريتش بشري، مثله تمامًا، إذ تجعدت أصابعه العاجزة كالأغصان. لم تكن يده في وضع يسمح له بحمل سيف، ناهيك عن القتال به. استخدم فوردجال يده المتبقية التي تحمل الدرع لدفع يوريتش بعيدًا عن نفسه. بوو! حتى عندما صُدِم للحظة، أبقى يوريتش عينيه البنيتين مثبتتين على فوردجال. التقط السيف الذي أسقطه ولوح به. “كيو!” صرخ فوردجال بينما سال دم قرمزي من كاحله. لقد طعنه يوريتش مباشرة في حذائه الجلدي. “يا له من سيفٍ مُبهر!” تمتم يوريتش وهو يقف فوق خصمه المهزوم. انتهت المعركة. “لقد قاتلت جيدًا، يا فوردجال آرتن.” بهذه الكلمات، بدد يوريتش كراهيته وغضبه المشتعلين. شلوك. طعن يوريتش بسيفه في صدر فوردجال، وفعل ذلك باحترام. ” لم تكن مهاراتك سيئة على الإطلاق، لكن سيفك يفتقر إلى شهوة سفك الدماء. هذا ما ميزنا ” قال يوريتش لعدوه الميت. افتقر سيف فوردجال إلى الرائحة المعدنية الزكية لدماء ساحة المعركة. لم يُزهق أرواح سوى عدد قليل من الأعداء. هذا ما منح يوريتش يقين النصر. كان فوردجال فارسًا ماهرًا. ومع ذلك، بالمقارنة مع يوريتش، يفتقر إلى خبرة قتالية حقيقية. كان سيفٌ بلا دماء كسيفه سهلًا على يوريتش. يزداد المحارب قوةً مع كل عدوٍّ إضافي يُقتل. لكي يصبح المرء محاربًا قويًا، عليه أن يقف شامخًا على قمة جبلٍ من جثث أعدائه. مع أن يوريتش كان أصغر سنًا بكثير من فوردجال، إلا أنه كان قد بنى بالفعل جبلًا أعظم مما استطاع فوردجال أن يبنيه. “أشعر بالدوار ” تنهد يوريتش وهو يُريح جسده المُنهك على شجرة. المعركة العنيفة التي خاضها قبل لحظة فاقمت أعراض دوار الجبال لديه. “بلااه.” لم يبقَ لدى يوريتش ما يتقيأه. بدا وكأن كل ما تبقى من وجهه مجرد جلد وعظام. “جبال السماء ” تمتم يوريتش لنفسه وهو يشير إلى الأعلى. “الوطن الأم ” تمتم مرة أخرى وهو يشير إلى منزله. “هناك الأرض وراء الجبال ” تمتم للمرة الأخيرة بينما أشار إلى الجانب الآخر من الجبل. “العالم الغامض.” دق، دق. بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. نهض من الشجرة وقص شعره الطويل المتطاير بسيفه الذي حصل عليه حديثًا. ووش. أطلق شعره في العاصفة الثلجية وشاهدهم وهم يندفعون نحو أرض وطنه. بدا يوريتش محاربًا في السادسة عشرة من عمره من قبيلة الفأس الحجرية. لم يكن متأكدًا إن كان ما يشعر به هو دوار الجبال الذي يعبث برأسه، أم طفولة الشباب، أم فضول الإنسان الفطري – لكنه سار. نحو الأرض الغريبة، وظهره إلى وطنه.

قُتل خمسة رجال بسيفه في لمح البصر. قبل أن يتجمد الدم، مسحه يوريتش بكمه عن النصل. مهما كان السيف جيدًا، فإنه سيفقد فاعليته إذا تجلط الدم أو تجمد على نصله.
“كيف نجا من الحبال؟ هل كسرها بقوته فقط؟ حسنًا، لا أظن أن سؤاله له جدوى لأنه لا يتحدث لغتنا.” تمتم فوردجال في نفسه وهو يخرج من الثلج. كان قد خرج لجمع الحطب للمخيم. عندما سمع صراخ فريق الاستكشاف، هرع عائدًا إلى موقع الحادث.
بوو!
استل فوردجال سيفه ورفع درعه. مع ذلك، لم تعد لديه ميزة الدرع الكامل الذي ساعده في معركته الأولى ضد يوريتش.
“اسمي يوريتش. من قبيلة الفأس الحجرية.” شدّد يوريتش على اسمه وهو يرفع سيفه. وصلت الرسالة إلى فوردجال.
” حتى لو كنتَ مجرد بربري ضعيف يا “يوريتش”، فأنا متأكد أن محاربًا من عيارك يفهم معنى الشرف. أنا فوردجال آرتن، فارس الإمبراطورية! ”
عبّر فوردجال عن احترامه بتقاطع سيفه ودرعه. اشتدّت العاصفة الثلجية لدرجة أنه أصبح من الصعب الوقوف ساكنًا دون فقدان التوازن. دُفنت جثث المستكشفين الذين سقطوا تحت الثلوج المتساقطة.
“أعرف اسمك الآن يا فوردجال آرتن ” قال يوريتش لفوردجال وهو يتعثر نحو الأخير. لم يكن ينوي إطالة هذه المعركة، فهو يفقد قوته كل ثانية.
“لن تستطيع هزيمتي يا فوردجال ” همس يوريتش كالشبح وهو يلف ذراعه. اخترق طرف سيفه فجوةً صغيرةً رآها في درع فوردجال.
“كيوغ!” قام فوردجال بمد درعه في محاولة لصد السيف.
“أيها البربري الأحمق! لن تتمكن من اختراق درعي. بمجرد أن أكسر درعك، سينتهي أمرك!”
افترض فوردجال أن الدروع لم تكن أمرًا شائعًا لدى البرابرة، وكان مُحقًا. فشعب يوريتش كانوا يستخدمون الدروع لحمايتهم من السهام. لم يكونوا مُفضلين إطلاقًا في مثل هذه المعارك المُتقاربة. لكن استخدام السيف والدرع في القتال المُتقارب كان بمثابة قوت يوم لفرسان مثل فوردجال. منذ أن كان مُتدربًا صغيرًا، بذل جهدًا كبيرًا في إتقان العديد من المهارات والحركات المُختلفة التي يتذكرها في تلك اللحظة.
“هاه؟” اظهر فوردجال تعبيرًا مذهولًا. لم يشعر بقوة السيف التي تضرب درعه كما توقع. تخلص يوريتش من السيف وانقضّ على جانب فوردجال بقبضته الملفوفة.
بوو!
دفن يوريتش قبضته الشبيهة بالصخر في وجه فوردجال. شعر فوردجال بتأثير اللكمة يتردد صداه حتى رأسه عبر عضلاته المتوترة.
بوو!
أمسك يوريتش بيدي فوردجال وسحق أصابعه. لم يعد فوردجال قادرًا على استخدام سيفه.
“آ …”
قبضته الوحشية جعلت فوردجال في حالة من عدم التصديق. لم يستطع تصديق أن يوريتش بشري، مثله تمامًا، إذ تجعدت أصابعه العاجزة كالأغصان. لم تكن يده في وضع يسمح له بحمل سيف، ناهيك عن القتال به.
استخدم فوردجال يده المتبقية التي تحمل الدرع لدفع يوريتش بعيدًا عن نفسه.
بوو!
حتى عندما صُدِم للحظة، أبقى يوريتش عينيه البنيتين مثبتتين على فوردجال. التقط السيف الذي أسقطه ولوح به.
“كيو!” صرخ فوردجال بينما سال دم قرمزي من كاحله. لقد طعنه يوريتش مباشرة في حذائه الجلدي.
“يا له من سيفٍ مُبهر!” تمتم يوريتش وهو يقف فوق خصمه المهزوم. انتهت المعركة.
“لقد قاتلت جيدًا، يا فوردجال آرتن.” بهذه الكلمات، بدد يوريتش كراهيته وغضبه المشتعلين.
شلوك.
طعن يوريتش بسيفه في صدر فوردجال، وفعل ذلك باحترام.
” لم تكن مهاراتك سيئة على الإطلاق، لكن سيفك يفتقر إلى شهوة سفك الدماء. هذا ما ميزنا ” قال يوريتش لعدوه الميت. افتقر سيف فوردجال إلى الرائحة المعدنية الزكية لدماء ساحة المعركة. لم يُزهق أرواح سوى عدد قليل من الأعداء. هذا ما منح يوريتش يقين النصر.
كان فوردجال فارسًا ماهرًا. ومع ذلك، بالمقارنة مع يوريتش، يفتقر إلى خبرة قتالية حقيقية. كان سيفٌ بلا دماء كسيفه سهلًا على يوريتش. يزداد المحارب قوةً مع كل عدوٍّ إضافي يُقتل. لكي يصبح المرء محاربًا قويًا، عليه أن يقف شامخًا على قمة جبلٍ من جثث أعدائه. مع أن يوريتش كان أصغر سنًا بكثير من فوردجال، إلا أنه كان قد بنى بالفعل جبلًا أعظم مما استطاع فوردجال أن يبنيه.
“أشعر بالدوار ” تنهد يوريتش وهو يُريح جسده المُنهك على شجرة. المعركة العنيفة التي خاضها قبل لحظة فاقمت أعراض دوار الجبال لديه.
“بلااه.” لم يبقَ لدى يوريتش ما يتقيأه. بدا وكأن كل ما تبقى من وجهه مجرد جلد وعظام.
“جبال السماء ” تمتم يوريتش لنفسه وهو يشير إلى الأعلى.
“الوطن الأم ” تمتم مرة أخرى وهو يشير إلى منزله.
“هناك الأرض وراء الجبال ” تمتم للمرة الأخيرة بينما أشار إلى الجانب الآخر من الجبل.
“العالم الغامض.”
دق، دق.
بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. نهض من الشجرة وقص شعره الطويل المتطاير بسيفه الذي حصل عليه حديثًا.
ووش.
أطلق شعره في العاصفة الثلجية وشاهدهم وهم يندفعون نحو أرض وطنه. بدا يوريتش محاربًا في السادسة عشرة من عمره من قبيلة الفأس الحجرية. لم يكن متأكدًا إن كان ما يشعر به هو دوار الجبال الذي يعبث برأسه، أم طفولة الشباب، أم فضول الإنسان الفطري – لكنه سار. نحو الأرض الغريبة، وظهره إلى وطنه.

“ابدأ بالتحرك!” شدّ الرجال حبال يوريتش. ولأنه جُر، لم يكن أمامه خيار سوى التعثر. “يا إلهي، هذا يؤلمني بشدة.” ازداد ألم جروح السهم في ظهر يوريتش شدةً وهو يُجرّ. بعض العلاجات العشبية والراحة قد تُساعد، لكن هذا لم يكن خيارًا. ’إنهم يأخذونني إلى الجانب الآخر’. بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. كانت شفتاه ترتعشان من الخوف والإثارة. “هل هذا هو عالمكم؟ فوق هذه الجبال؟” سأل يوريتش الرجال، لكن لم يُفهم. بل قُوبِل بنظرات فوردجال ورجاله الباردة وهم يسيرون في صمت. * * * أدرك يوريتش الآن تمامًا سبب عدم تمكن محاربي قبيلته من التغلب على جبال السماء. بو! بو! بوو! الانخفاض الكبير في درجة الحرارة أثناء صعودهم إلى الارتفاع يجعل أسنانه تصطك. “هذا بارد جدًا، يا إلهي!” بدا الجبل باردًا جدًا حتى أن الناس شعروا وكأن الصوت نفسه يمكن أن يتجمد، و الأمر يزداد سوءًا مع استمرار الرجال في الصعود. ووش! هبت ريح باردة عاتية جعلت يوريتش يرتجف بشدة، بينما كان أنفاسه المنهكة تخرج من فمه ببخار كثيف. بدا يوريتش من سهول وغابات حيث لم يكن البرد مشكلة. كان المناخ دافئًا بما يكفي للتجول براحة بملابس قليلة جدًا. “ه … “انظروا كم هو شاحب! كيف لن يتجمد حتى الموت قبل أن نعود؟” ألبس الرجال يوريتش طبقاتٍ متعددة من الملابس القطنية، لم يرها من قبل. كما اعتنوا بجروحه يوميًا وتأكدوا من سلامته طوال الرحلة. “يجب إبقاء هذا البربري على قيد الحياة حتى نسلمه إلى جلالته.” كان فوردجال يطالب رجاله باستمرار. كان رجال فوردجال في الأرض الواقعة خلف جانبهم من الجبال، وقد اكتشفوا حتى سكانها. “جبال السماء ” قال فوردجال في رهبة. كان منظر الجبال المهيب، الذي بدا كأنه أساس السماء المتين، يثير الإعجاب في كل من يراه. ولهذا السبب، أطلق الناس على هذه الجبال اسم “جبال السماء”. خضع فريق بعثة فوردجال لفترة تحضير استمرت عشر سنوات لتسلق هذه الجبال. ومن خلال تجارب عديدة، تمكنوا من تجاوز جميع العقبات والوصول إلى الجانب الآخر. وكان اكتشافهم لأرض جديدة وللبرابرة ثمرة جهودهم الثمينة. “هذه الأرض، هؤلاء الناس، يستحقون الغزو.” استنشق فوردجال نفسًا خفيفًا من هواء الجبل البارد. سرعان ما تبددت البرودة في رئتيه. ” بلارغ!” تقيأ يوريتش وهو يندفع إلى الأمام دون سيطرة. ضحك الرجال ضحكة مكتومة كما لو كانوا يتوقعون ذلك. “انظروا إلى أنفسكم أيها البربريون! هذا يُشعركم بالغثيان.” لم يكن الأمر نفسه مشكلةً بالنسبة لفوردجال وفريقه الاستكشافي. فقد أمضوا شهورًا يعيشون عمليًا في الجبال للتأقلم تدريجيًا مع المرتفعات الشاهقة. لم يكن يوريتش على علمٍ بمثل هذا المرض، ولذلك اعتقد أن تدهور حالته الصحية ناجمٌ فقط عن الجروح. “الوضع يزداد سوءًا. عليّ الخروج من هنا قبل فوات الأوان.” كانت مرونة يوريتش الاستثنائية هي الشيء الوحيد الذي أبقاه يتحرك دون أن ينهار. استمر في تحريك يديه ليمنعهما من التجمد. ’يجب أن أبقي يديّ متحركتين. يجب أن أبقيهما دافئتين’. شعر يوريتش بتراجع سريع في حدة إدراكه. فإلى جانب ضعف قواه العقلية، لاحظ أن حتى الخطوات الصغيرة كانت شاقة كركض سريع. ازدادت ضبابية ما يحيط به، كما لو كان غارقًا في حلم حمى. كانت هذه كلها علامات على داء المرتفعات الناجم عن انخفاض تشبع دمه بالأكسجين. هف… هف… بدا يوريتش على وشك الجنون من شدة البرد والدوار والغثيان المتواصلين، لكنه تحلى بالصبر. كان يستخدم كل طاقته المتبقية للحفاظ على جميع حواسه متيقظة. يا إلهي، لقد نجحنا! تخطى هذه العاصفة الثلجية اللعينة! ” هتف قائد الرحلة بارتياح. وصل الفريق أخيرًا إلى أرض منبسطة نادرة نصبوا فيها معسكرهم سابقًا. “ما أجمل هذا المنظر!” أبدى الرجال انبهارهم وهم ينظرون إلى السهول والغابات الخضراء التي لا نهاية لها أسفلهم. “هيا، علينا أن نقيم مخيمنا قبل غروب الشمس.” انشغل الرجال بتجهيز معسكرهم ليلاً، وخفّضوا حذرهم تجاه يوريتش مؤقتًا. لم يكن يحمل الحبال التي تثبت يدي يوريتش ورقبته سوى رجلين. قيّم يوريتش محيطه بحركة سريعة من عينيه. لاحظ أنماط حركة جميع الرجال في محيطه. “لقد أخطأتم ” قال يوريتش للمستكشفين. لم يفهموه. “أتظنون أنكم تستطيعون تثبيتي بهذه الحبال الرقيقة؟” شدّ يوريتش كل عضلة في ذراعيه بقوة حتى تضخمت عروقه على وجهه. انقطعت الحبال حول يديه كخيوط. كانت قوته تفوق ما يعرفه هؤلاء الرجال. بوو! ” واو، هيّا! اسحب! اسحب الحبل!” أمّن يوريتش مسافةً بين الحبل وعنقه بوضع أصابعه بينهما. يعلم أنه إذا سمح لهؤلاء الرجال بشد الحبل حول رقبته، فسيفقد وعيه بسبب انقطاع تدفق الدم إلى دماغه. “همف!” استخدم يوريتش جذعه القوي للانحناء للأمام. أما الرجل الذي يمسك بالحبل حول رقبته، فقد جُرّ إلى أسفل بلا حول ولا قوة. “هناك شيءٌ يمكنك التباهي به في العالم السفلي. لقد قُتلتَ على يد يوريتش، محارب قبيلة الفأس الحجرية!” وضع يوريتش رأس الرجل العاجز بين ركبته ومرفقه، قبل أن يدفع بمرفقه في رأس الرجل. بوو! انفجر رأس الرجل كالبطيخة. جمّد هواء الجبل البارد سائل دماغه لحظة ملامسته للأرض، وأحاط بخار الدم الدافئ بيوريتش. “لقد تحرر البربري !” ترك الرجال الآخرون ما كانوا يفعلونه، وسارعوا إلى محاصرة يوريتش. أخرج يوريتش سيفًا من حزام الرجل الذي قتله قبل لحظات. بوو! تم سحب السيف بسلاسة بفضل دهن النصل بالزيت الذي كان مقاومًا حتى لظروف الجبال القاسية. “يا له من سيفٍ مُبهر، مصنوع من معدنٍ مُذهل! ”بمجرد أن أمسك يوريتش السيف، انبهر بمدى توازنه. أدرك أن أهل الجبال أكثر تقدمًا في التعامل مع المعادن. بوو! لم تُبدِ العاصفة الثلجية أي علامة على التوقف. لوّح يوريتش بسيفه على المستكشفين العاجزين، فقتلهم واحدًا تلو الآخر. لم يكن لدى معظم هؤلاء الرجال خبرة قتالية كافية لحماية أنفسهم من ضربات يوريتش القاسية. رغم إرهاق يوريتش ومرضه، إلا أنه كان محاربًا يتمتع بمهارة وخبرة لا مثيل لهما. من لم يُكرّس حياته للقتال لم تكن لديه فرصة لمواجهته.

 

الفصل الثالث ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ “سنقضي عليه بسهامنا، يا سيدي فوردجال!” اقترح أحد الرماة. ” لا! يجب أن نأسر هذا البربري حيًا. حتى أنا سأضطر للانسحاب إذا عاد البرابرة الآخرون بتعزيزات. سيكون هذا رمزًا رائعًا لأرضنا المكتشفة حديثًا وهدية رائعة لجلالته ” صرخ فوردجال وهو يمسك سيفه من النصل مقلوبًا. كانت هذه المناورة باستخدام المقبض والقبضة كسلاح غير حاد مهارةً إمبراطوريةً في المبارزة تُسمى “قبضة النصل”. “هل تلوح بسيفك أمامي؟ هل أبدو لك مزحة؟ يا أولاد العاهرة ” أذهلت حركة فوردجال السخيفة بسيفه يوريتش. ثم أدرك أن الرماة المحيطين به لا ينوون إطلاق سهامهم. “هل يحاولون أسري حيًا؟” عبس يوريتش في ذهول. لطالما واجه الرعب في كل معركة خاضها، ومع ذلك، هؤلاء الرجال الغرباء يُشعرونه بإذلال لم يشعر به من قبل. دفع الغضب يوريتش إلى قبضته حتى توترت ذراعاه. وتلاشى كل شيء في الخلفية. اقترب فوردجال تدريجيًا من يوريتش بينما كان الرجال الآخرون يراقبون بأعين مفتوحة على مصراعيها، حتى لا يفوتوا أي فعل. ووش! بدا يوريتش هو من بدأ التحرك. اندفع للأمام وهو يرمي بفأسه على فوردجال. أصاب الفأس، الذي قُذف بقوة، خوذة فوردجال. اتسعت عينا فوردجال عندما أدرك مكان إصابة الفأس. “لقد صوّب النصل نحو فجوة خوذتي. هل قصد حقًا هذا الهدف الصغير؟” واجه فوردجال البربري وهو يندفع نحوه بلا هوادة، وهو يلوّح بفأسه الآخر بقوة كما لو على وشك شق رأسه نصفين. “يا لك من بربري!” أطلق فوردجال زئيرًا وهو يلوح بسيفه المقلوب، بهدف ضرب صدر يوريتش بمقبض سيفه. تبادل فوردجال ويوريتش الضربات. سال الدم من وجه فوردجال. بدا يوريتش قد جرح خده. “أطلقوا النار عليه الآن!” صرخ فوردجال. أطلق الرماة سهامهم على هدفهم بسرعة. وسرعان ما غطت عدة سهام ظهر يوريتش. “حماية السير فوردجال!” قيّم فوردجال الجرح الذي أحدثه البربري في خده. “لقد أسقط خوذتي برمية فأس واحدة ليتمكن من ضرب رأسي العاري بالأخرى”. مع أن يوريتش كان بربريًا فحسب، إلا أن فوردجال انبهر بمهارته. “احصل عليه!” أحاط الرجال الآخرون بيوريتش وانهالوا عليه ضربًا بلا رحمة بأسلحتهم الحادة. لم يستطع يوريتش إلا أن يركع والسهام تبرز من ظهره. “هذا يكفي، يجب القبض عليه حيًا!” أمر فوردجال رجاله ووجد يوريتش ملقى على الأرض، وقد تعرض للضرب حتى أصبح قطعة من العجين. “يا لك من محظوظ يا رجل المعدن!” ضحك يوريتش. لو أن يوريتش ضربه أعمق قليلًا، لكان رأس فوردجال قد انكسر إلى نصفين. “اصمت أيها البربري!” سخر الرجال من يوريتش وهم يصفعونه على وجهه. ورغم أنهم لم يفهموا بعضهم البعض، إلا أن ألفاظًا مسيئة دخلت إلى حديثهم. “السيد فوردجال، يجب عليك أن تضمد جرحك في أسرع وقت ممكن.” “تخلصوا من ذلك البربري أيضًا. لا نعلم متى سيعود الباقون.” قال فوردجال لرجاله وهو يحدق في يوريتش، الذي لم يرف له جفن حتى أزالوا السهام من ظهره. “هذا البربري يتمتع بشجاعة هائلة ومهارة قتالية لا تشوبها شائبة… هل البقية كذلك؟ علينا الخروج من هنا قبل أن يعودوا. ”أثار البرابرة الذين فروا خلال المعركة قلق فوردجال. يعلم أن رجاله مجرد مستكشفين، وأنهم لن يتمكنوا من الصمود أمام أي هجوم بربري آخر. ” لم تصل السهام إلى العمق المطلوب يا سيدي فوردجال. تبدو قوة عضلاته أفضل من عضلاتنا. وإلا لكانت السهام قد وصلت إلى أعضائه وقتلته. لكن هذه الجروح لا تزال عميقة، لذا ستتفاقم بسرعة إذا أجبرناه على التحرك دون راحة أو تعافي مناسبين. إن حالفه الحظ، فسيجتاز الجبال. وإن لم يحالفه الحظ، فسيموت.” ” آه، لهذا السبب أردتُ أسره دون أن ألحق به إصاباتٍ كثيرة. حسنًا، إن مات، فليموت. لنبدأ.” نهض فوردجال بعد أن ضمد جرح خده. ثم نزع رجاله دروعه وتشاركوا في حمل أجزائها. “انهض أيها البربري!” أُجبر يوريتش على رفع جثته المُصابة. كانت هناك حبال حول يديه وعنقه ليتمكن رجال فوردجال من خنقه بسهولة وإغمائه تحسبًا لأي انتقام. “هل أتسلق الجبال؟ هؤلاء الرجال حقًا من الجانب الآخر!” اتسعت عينا يوريتش.“ إذًا، وراء الجبال عالم آخر من البشر. إنه ليس عالمًا للأموات!” رغم وقوعه في الأسر، أشرقت عينا يوريتش حماسًا وإلهامًا. كانت عيناه المتألقتان قد تعلقتا بالفعل بما وراء الجبال.

 

“ابدأ بالتحرك!” شدّ الرجال حبال يوريتش. ولأنه جُر، لم يكن أمامه خيار سوى التعثر. “يا إلهي، هذا يؤلمني بشدة.” ازداد ألم جروح السهم في ظهر يوريتش شدةً وهو يُجرّ. بعض العلاجات العشبية والراحة قد تُساعد، لكن هذا لم يكن خيارًا. ’إنهم يأخذونني إلى الجانب الآخر’. بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. كانت شفتاه ترتعشان من الخوف والإثارة. “هل هذا هو عالمكم؟ فوق هذه الجبال؟” سأل يوريتش الرجال، لكن لم يُفهم. بل قُوبِل بنظرات فوردجال ورجاله الباردة وهم يسيرون في صمت. * * * أدرك يوريتش الآن تمامًا سبب عدم تمكن محاربي قبيلته من التغلب على جبال السماء. بو! بو! بوو! الانخفاض الكبير في درجة الحرارة أثناء صعودهم إلى الارتفاع يجعل أسنانه تصطك. “هذا بارد جدًا، يا إلهي!” بدا الجبل باردًا جدًا حتى أن الناس شعروا وكأن الصوت نفسه يمكن أن يتجمد، و الأمر يزداد سوءًا مع استمرار الرجال في الصعود. ووش! هبت ريح باردة عاتية جعلت يوريتش يرتجف بشدة، بينما كان أنفاسه المنهكة تخرج من فمه ببخار كثيف. بدا يوريتش من سهول وغابات حيث لم يكن البرد مشكلة. كان المناخ دافئًا بما يكفي للتجول براحة بملابس قليلة جدًا. “ه … “انظروا كم هو شاحب! كيف لن يتجمد حتى الموت قبل أن نعود؟” ألبس الرجال يوريتش طبقاتٍ متعددة من الملابس القطنية، لم يرها من قبل. كما اعتنوا بجروحه يوميًا وتأكدوا من سلامته طوال الرحلة. “يجب إبقاء هذا البربري على قيد الحياة حتى نسلمه إلى جلالته.” كان فوردجال يطالب رجاله باستمرار. كان رجال فوردجال في الأرض الواقعة خلف جانبهم من الجبال، وقد اكتشفوا حتى سكانها. “جبال السماء ” قال فوردجال في رهبة. كان منظر الجبال المهيب، الذي بدا كأنه أساس السماء المتين، يثير الإعجاب في كل من يراه. ولهذا السبب، أطلق الناس على هذه الجبال اسم “جبال السماء”. خضع فريق بعثة فوردجال لفترة تحضير استمرت عشر سنوات لتسلق هذه الجبال. ومن خلال تجارب عديدة، تمكنوا من تجاوز جميع العقبات والوصول إلى الجانب الآخر. وكان اكتشافهم لأرض جديدة وللبرابرة ثمرة جهودهم الثمينة. “هذه الأرض، هؤلاء الناس، يستحقون الغزو.” استنشق فوردجال نفسًا خفيفًا من هواء الجبل البارد. سرعان ما تبددت البرودة في رئتيه. ” بلارغ!” تقيأ يوريتش وهو يندفع إلى الأمام دون سيطرة. ضحك الرجال ضحكة مكتومة كما لو كانوا يتوقعون ذلك. “انظروا إلى أنفسكم أيها البربريون! هذا يُشعركم بالغثيان.” لم يكن الأمر نفسه مشكلةً بالنسبة لفوردجال وفريقه الاستكشافي. فقد أمضوا شهورًا يعيشون عمليًا في الجبال للتأقلم تدريجيًا مع المرتفعات الشاهقة. لم يكن يوريتش على علمٍ بمثل هذا المرض، ولذلك اعتقد أن تدهور حالته الصحية ناجمٌ فقط عن الجروح. “الوضع يزداد سوءًا. عليّ الخروج من هنا قبل فوات الأوان.” كانت مرونة يوريتش الاستثنائية هي الشيء الوحيد الذي أبقاه يتحرك دون أن ينهار. استمر في تحريك يديه ليمنعهما من التجمد. ’يجب أن أبقي يديّ متحركتين. يجب أن أبقيهما دافئتين’. شعر يوريتش بتراجع سريع في حدة إدراكه. فإلى جانب ضعف قواه العقلية، لاحظ أن حتى الخطوات الصغيرة كانت شاقة كركض سريع. ازدادت ضبابية ما يحيط به، كما لو كان غارقًا في حلم حمى. كانت هذه كلها علامات على داء المرتفعات الناجم عن انخفاض تشبع دمه بالأكسجين. هف… هف… بدا يوريتش على وشك الجنون من شدة البرد والدوار والغثيان المتواصلين، لكنه تحلى بالصبر. كان يستخدم كل طاقته المتبقية للحفاظ على جميع حواسه متيقظة. يا إلهي، لقد نجحنا! تخطى هذه العاصفة الثلجية اللعينة! ” هتف قائد الرحلة بارتياح. وصل الفريق أخيرًا إلى أرض منبسطة نادرة نصبوا فيها معسكرهم سابقًا. “ما أجمل هذا المنظر!” أبدى الرجال انبهارهم وهم ينظرون إلى السهول والغابات الخضراء التي لا نهاية لها أسفلهم. “هيا، علينا أن نقيم مخيمنا قبل غروب الشمس.” انشغل الرجال بتجهيز معسكرهم ليلاً، وخفّضوا حذرهم تجاه يوريتش مؤقتًا. لم يكن يحمل الحبال التي تثبت يدي يوريتش ورقبته سوى رجلين. قيّم يوريتش محيطه بحركة سريعة من عينيه. لاحظ أنماط حركة جميع الرجال في محيطه. “لقد أخطأتم ” قال يوريتش للمستكشفين. لم يفهموه. “أتظنون أنكم تستطيعون تثبيتي بهذه الحبال الرقيقة؟” شدّ يوريتش كل عضلة في ذراعيه بقوة حتى تضخمت عروقه على وجهه. انقطعت الحبال حول يديه كخيوط. كانت قوته تفوق ما يعرفه هؤلاء الرجال. بوو! ” واو، هيّا! اسحب! اسحب الحبل!” أمّن يوريتش مسافةً بين الحبل وعنقه بوضع أصابعه بينهما. يعلم أنه إذا سمح لهؤلاء الرجال بشد الحبل حول رقبته، فسيفقد وعيه بسبب انقطاع تدفق الدم إلى دماغه. “همف!” استخدم يوريتش جذعه القوي للانحناء للأمام. أما الرجل الذي يمسك بالحبل حول رقبته، فقد جُرّ إلى أسفل بلا حول ولا قوة. “هناك شيءٌ يمكنك التباهي به في العالم السفلي. لقد قُتلتَ على يد يوريتش، محارب قبيلة الفأس الحجرية!” وضع يوريتش رأس الرجل العاجز بين ركبته ومرفقه، قبل أن يدفع بمرفقه في رأس الرجل. بوو! انفجر رأس الرجل كالبطيخة. جمّد هواء الجبل البارد سائل دماغه لحظة ملامسته للأرض، وأحاط بخار الدم الدافئ بيوريتش. “لقد تحرر البربري !” ترك الرجال الآخرون ما كانوا يفعلونه، وسارعوا إلى محاصرة يوريتش. أخرج يوريتش سيفًا من حزام الرجل الذي قتله قبل لحظات. بوو! تم سحب السيف بسلاسة بفضل دهن النصل بالزيت الذي كان مقاومًا حتى لظروف الجبال القاسية. “يا له من سيفٍ مُبهر، مصنوع من معدنٍ مُذهل! ”بمجرد أن أمسك يوريتش السيف، انبهر بمدى توازنه. أدرك أن أهل الجبال أكثر تقدمًا في التعامل مع المعادن. بوو! لم تُبدِ العاصفة الثلجية أي علامة على التوقف. لوّح يوريتش بسيفه على المستكشفين العاجزين، فقتلهم واحدًا تلو الآخر. لم يكن لدى معظم هؤلاء الرجال خبرة قتالية كافية لحماية أنفسهم من ضربات يوريتش القاسية. رغم إرهاق يوريتش ومرضه، إلا أنه كان محاربًا يتمتع بمهارة وخبرة لا مثيل لهما. من لم يُكرّس حياته للقتال لم تكن لديه فرصة لمواجهته.

*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com

قُتل خمسة رجال بسيفه في لمح البصر. قبل أن يتجمد الدم، مسحه يوريتش بكمه عن النصل. مهما كان السيف جيدًا، فإنه سيفقد فاعليته إذا تجلط الدم أو تجمد على نصله. “كيف نجا من الحبال؟ هل كسرها بقوته فقط؟ حسنًا، لا أظن أن سؤاله له جدوى لأنه لا يتحدث لغتنا.” تمتم فوردجال في نفسه وهو يخرج من الثلج. كان قد خرج لجمع الحطب للمخيم. عندما سمع صراخ فريق الاستكشاف، هرع عائدًا إلى موقع الحادث. بوو! استل فوردجال سيفه ورفع درعه. مع ذلك، لم تعد لديه ميزة الدرع الكامل الذي ساعده في معركته الأولى ضد يوريتش. “اسمي يوريتش. من قبيلة الفأس الحجرية.” شدّد يوريتش على اسمه وهو يرفع سيفه. وصلت الرسالة إلى فوردجال. ” حتى لو كنتَ مجرد بربري ضعيف يا “يوريتش”، فأنا متأكد أن محاربًا من عيارك يفهم معنى الشرف. أنا فوردجال آرتن، فارس الإمبراطورية! ” عبّر فوردجال عن احترامه بتقاطع سيفه ودرعه. اشتدّت العاصفة الثلجية لدرجة أنه أصبح من الصعب الوقوف ساكنًا دون فقدان التوازن. دُفنت جثث المستكشفين الذين سقطوا تحت الثلوج المتساقطة. “أعرف اسمك الآن يا فوردجال آرتن ” قال يوريتش لفوردجال وهو يتعثر نحو الأخير. لم يكن ينوي إطالة هذه المعركة، فهو يفقد قوته كل ثانية. “لن تستطيع هزيمتي يا فوردجال ” همس يوريتش كالشبح وهو يلف ذراعه. اخترق طرف سيفه فجوةً صغيرةً رآها في درع فوردجال. “كيوغ!” قام فوردجال بمد درعه في محاولة لصد السيف. “أيها البربري الأحمق! لن تتمكن من اختراق درعي. بمجرد أن أكسر درعك، سينتهي أمرك!” افترض فوردجال أن الدروع لم تكن أمرًا شائعًا لدى البرابرة، وكان مُحقًا. فشعب يوريتش كانوا يستخدمون الدروع لحمايتهم من السهام. لم يكونوا مُفضلين إطلاقًا في مثل هذه المعارك المُتقاربة. لكن استخدام السيف والدرع في القتال المُتقارب كان بمثابة قوت يوم لفرسان مثل فوردجال. منذ أن كان مُتدربًا صغيرًا، بذل جهدًا كبيرًا في إتقان العديد من المهارات والحركات المُختلفة التي يتذكرها في تلك اللحظة. “هاه؟” اظهر فوردجال تعبيرًا مذهولًا. لم يشعر بقوة السيف التي تضرب درعه كما توقع. تخلص يوريتش من السيف وانقضّ على جانب فوردجال بقبضته الملفوفة. بوو! دفن يوريتش قبضته الشبيهة بالصخر في وجه فوردجال. شعر فوردجال بتأثير اللكمة يتردد صداه حتى رأسه عبر عضلاته المتوترة. بوو! أمسك يوريتش بيدي فوردجال وسحق أصابعه. لم يعد فوردجال قادرًا على استخدام سيفه. “آ …” قبضته الوحشية جعلت فوردجال في حالة من عدم التصديق. لم يستطع تصديق أن يوريتش بشري، مثله تمامًا، إذ تجعدت أصابعه العاجزة كالأغصان. لم تكن يده في وضع يسمح له بحمل سيف، ناهيك عن القتال به. استخدم فوردجال يده المتبقية التي تحمل الدرع لدفع يوريتش بعيدًا عن نفسه. بوو! حتى عندما صُدِم للحظة، أبقى يوريتش عينيه البنيتين مثبتتين على فوردجال. التقط السيف الذي أسقطه ولوح به. “كيو!” صرخ فوردجال بينما سال دم قرمزي من كاحله. لقد طعنه يوريتش مباشرة في حذائه الجلدي. “يا له من سيفٍ مُبهر!” تمتم يوريتش وهو يقف فوق خصمه المهزوم. انتهت المعركة. “لقد قاتلت جيدًا، يا فوردجال آرتن.” بهذه الكلمات، بدد يوريتش كراهيته وغضبه المشتعلين. شلوك. طعن يوريتش بسيفه في صدر فوردجال، وفعل ذلك باحترام. ” لم تكن مهاراتك سيئة على الإطلاق، لكن سيفك يفتقر إلى شهوة سفك الدماء. هذا ما ميزنا ” قال يوريتش لعدوه الميت. افتقر سيف فوردجال إلى الرائحة المعدنية الزكية لدماء ساحة المعركة. لم يُزهق أرواح سوى عدد قليل من الأعداء. هذا ما منح يوريتش يقين النصر. كان فوردجال فارسًا ماهرًا. ومع ذلك، بالمقارنة مع يوريتش، يفتقر إلى خبرة قتالية حقيقية. كان سيفٌ بلا دماء كسيفه سهلًا على يوريتش. يزداد المحارب قوةً مع كل عدوٍّ إضافي يُقتل. لكي يصبح المرء محاربًا قويًا، عليه أن يقف شامخًا على قمة جبلٍ من جثث أعدائه. مع أن يوريتش كان أصغر سنًا بكثير من فوردجال، إلا أنه كان قد بنى بالفعل جبلًا أعظم مما استطاع فوردجال أن يبنيه. “أشعر بالدوار ” تنهد يوريتش وهو يُريح جسده المُنهك على شجرة. المعركة العنيفة التي خاضها قبل لحظة فاقمت أعراض دوار الجبال لديه. “بلااه.” لم يبقَ لدى يوريتش ما يتقيأه. بدا وكأن كل ما تبقى من وجهه مجرد جلد وعظام. “جبال السماء ” تمتم يوريتش لنفسه وهو يشير إلى الأعلى. “الوطن الأم ” تمتم مرة أخرى وهو يشير إلى منزله. “هناك الأرض وراء الجبال ” تمتم للمرة الأخيرة بينما أشار إلى الجانب الآخر من الجبل. “العالم الغامض.” دق، دق. بدا قلب يوريتش ينبض بقوة. نهض من الشجرة وقص شعره الطويل المتطاير بسيفه الذي حصل عليه حديثًا. ووش. أطلق شعره في العاصفة الثلجية وشاهدهم وهم يندفعون نحو أرض وطنه. بدا يوريتش محاربًا في السادسة عشرة من عمره من قبيلة الفأس الحجرية. لم يكن متأكدًا إن كان ما يشعر به هو دوار الجبال الذي يعبث برأسه، أم طفولة الشباب، أم فضول الإنسان الفطري – لكنه سار. نحو الأرض الغريبة، وظهره إلى وطنه.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اترك تعليقاً

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

تم كشف مانع اعلانات

للتخلص من جميع الاعلانات، نقدم لك موقعنا المدفوع kolnovel.com

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط