You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode

أعزائنا القرّاء، يسرّنا إعلامكم بأن ملوك الروايات يوفر موقعًا مدفوعًا وخاليًا تمامًا من الإعلانات المزعجة، لتستمتعوا بتجربة قراءة مريحة وسلسة.

لزيارة الموقع، يُرجى النقر هنا.

هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 44

الفصل 44
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

 

“ابتعد عن طريقي، سأتعامل معه!”
انطلق مارغريف أوركويل نحو يوريتش بينما يسيطر على حصانه الخائف.
“واووه!”
أطلق يوريتش صراخا وحشيًا على المارغريف الذي كان يهاجم على حصانه.
ارتجف الحصان مرة أخرى، وخدش المارغريف خاصرة الحصان بقوة بحذائه. فتذكر الحصان المتردد أمر صاحبه، فاستأنف هجومه.
بوو!
اصبح لنصل المارغريف زخم حصانٍ راكض. تلقى يوريتش الضربة وقدماه مثبتتان في الأرض.
“أوه!”
شعر المارغريف بدفعة قوية في الجزء العلوي من جسده للخلف. ورغم قوة دفع الحصان، شعر أن البربري يتغلب عليه.
“ذراعي سوف تنكسر إذا لم أحرك سيفي بعيدًا عن الطريق.”
أرخى المارغريف توتر ساقيه لامتصاص صدمة الاصطدام. سقط عن الحصان، وسقط على الأرض بحركة بهلوانية.
“سيدي!” صرخ الجنود.
“حاصروه! هاجموه من كل اتجاه!” صرخ المارغريف في جنوده. لم يكن هناك مكان لقائد لا يستطيع الاعتناء بنفسه في ساحة المعركة. نهض واقفًا على قدميه وأمسك بمقبض سيفه بإحكام.
” همف!”
ألقى يوريتش فأسه الثاني. انغرز الفأس في نصف ركبة الجندي، مما أدى إلى انهيار المفصل الممزق للخلف. سقط الجندي أرضًا محدثًا صرخة مدوية.
استنفد يوريتش فأسيه. تدحرج على الأرض ليلتقط الدرع الذي أسقطه أحد الجنود. بدا درعًا مثلثًا مقلوبًا.
“درع.”
لم يكن يوريتش مولعًا باستخدام الدرع. حتى في قبيلته، لم يكن يستخدمه إلا نادرًا لصد السهام.
“هل هذه هي الطريقة التي استخدموها بها؟”
قام يوريتش بتقليد حامل الدرع الذي شاهده هنا وهناك.
كان الرجال المتحضرون بارعين في استخدام الدروع. عرفوا كيف يهاجمون ويدافعون بها. سمح شكل المثلث المقلوب لحامله باستخدامه كسلاح بطرفه المدبب.
بوو!
تصدى يوريتش لهجمات الجنود من خلال تحريك الدرع ودفعهم للخلف.
بوو!
ارتجف جسده. انطلق سهم من قوس ونشاب واستقر في ظهره، لكن يوريتش لم يبدُ عليه الانزعاج وهو يواصل التقدم نحو أعدائه.
“ه-هل لا يعمل عليه؟”
لم يكن السهم قادرًا على الحفر عميقًا في يوريتش بسبب معطف الفرو الذي يغطي الجزء العلوي من جسده بالكامل إلى جانب عضلات ظهره التي تشبه الدروع.
“اضرب رأسه، رأسه!” صرخ أوركويل. صوّب الجنود ذوو الأقواس النشابية في آنٍ واحد نحو رأس يوريتش.
بوو!
رفع يوريتش درعه لحماية رأسه وجزءه العلوي. وما إن أصابت السهام الدرع، حتى اندفع يوريتش للأمام بحركة سريعة.
‘هذا السلاح الغريب يستغرق وقتًا طويلاً لإعادة التحميل.’
لقد رأى يوريتش القوس والنشاب مرات كافية ليعرف المدة التي يستغرقها إعادة تحميله.
” اللعنة!”
دفع يوريتش الجنود بدرعه، وسحق رؤوسهم المتعثرة بركبتيه. وبينما سقط وزنه الهائل على وجوههم، انهارت رؤوسهم وعظام وجوههم. واصلت يدا يوريتش التحرك بسرعة لذبح الجنود.
“ماذا تفعل، لا يمكنك أن تخاف!” حاول المساعد تشجيع جنوده، لكنهم كانوا جميعًا يسقطون واحدًا تلو الآخر، خائفين من شراسة يوريتش.
“يمكننا قتله بهجمة واحدة إذا قمنا بتنسيق هجماتنا بشكل صحيح.”
لم يكن هناك سببٌ لهزيمتهم. ففي النهاية، كان عدوهم بربريًا واحدًا صمد في وجههم دون درعٍ واحد.
“آ …””
لكن الجنود كانوا هم من يُحتضرون. عندها أدرك المساعد أن هناك خطبًا ما.
“الخوف من أن الهجوم أولاً سيؤدي إلى موتٍ محقق. لقد غمرنا به.”
هذا هو ما منع الجنود من تنسيق هجومٍ مُحكم. من يقفز أولاً سيموت حتمًا. ما جدوى قتل البربري إذا فقدتَ حياتكَ أيضًا في هذه العملية؟ لم يكن لدى أي جندي الشغف والولاء الكافي للقفز رغم موتٍ مُحقق. تردد جميع الجنود في أن يكونوا أول من يهاجم، مما أدى إلى أسوأ نتيجة، وهي مقتلهم جميعًا واحدًا تلو الآخر. لو كان الجنود بلا خوف من الموت، مثل محاربي الشمال، لكان يوريتش قد طُعن حتى الموت منذ زمن.
‘ هذه هي قوة البربري التي كان اللورد يتحدث عنها.’
جنون الاندفاع نحو الموت، والاستعداد للقتال بقلب مكشوف عند الضرورة. أدرك المساعد الشاب الأهمية الحاسمة لمعنويات الجنود في ساحة المعركة.
“الآن فهمت لماذا ناضل الجيش الحضاري ضد البرابرة.”
بعد أن أدرك المساعد الحقيقة، أدرك أن وقته قد انتهى. طعن سيف يوريتش رقبته بسكين.
انتهى الأمر بالعديد من الفرسان والمحاربين إلى الموت قبل أن يتمكنوا من تجميع خبراتهم. تم إنشاء الفرسان والمحاربين الأقوياء على كومة من الموت، وكان هذا المساعد الشاب مجرد جزء من الكومة.
“كيك، كيك كيك ” بعد أن خسر كل رجاله، ضحك مارغريف أوركويل ووجهه مغطى بيد واحدة.
” هاف، هاف.”
بدا يوريتش بالكاد واقفًا، ممسكًا بسيفه المغروس في الأرض. لم يكن الجنود الذين ماتوا بهياجته خائفين إلا لأنهم لم يتمكنوا من رؤية حالته الحقيقية. في الحقيقة، لم يكن سوى حيوان جريح ومنهك. هناك جروح عميقة وواضحة في ذراعيه وساقيه، إذ لم يكن بإمكانه سوى تغطية نقاط الضعف القاتلة في جسده، مثل رأسه وجذعه. كان الدم يتدفق من الجروح العميقة. أصبح وجهه شاحبًا، ورؤوس الأسهم تغوص في جسده مع كل حركة طفيفة.
“لا يمكنك خداعي. لقد اعتدتُ على خوفك المُفرط.”
ابتسم المارغريف وهو يحدق في صورة يوريتش الحقيقية. بالكاد استطاع الوقوف.
بوو!
أمسك المارغريف سيفه بكلتا يديه ورفعه عالياً.
“لن أمنحك أي وقت للتعافي، أيها البربري المجهول. انت بحق أعظم البرابرة الذين قابلتهم.”
لم يُحدث موت رجاله ذرة حزن في قلب المارغريف. بل بدا قلبه متجمدًا منذ زمن بعيد. كان فارسًا شهد موتًا كثيرًا لدرجة أنه لم يعد يؤثر فيه. لم يبقَ في قلبه الفارس سوى شعور مُشوّه بالرهبة، حلّ محلّ الكراهية الأولية.
نظر يوريتش إلى المارغريف. أصبح التفكير السليم يزداد صعوبة عليه. أدى الجهد البدني الشديد إلى إرهاق ذهني، إذ لا يمكن التفكير بوضوح إلا بجسم مرتاح.
“أنا… يجب أن… أفكر…”
تمتم يوريتش. شعر وكأن عضلات ذراعيه وساقيه قد فارقت جسده. شعر وكأنه على وشك الانهيار ما لم يسند نفسه بسيفه. كل ذلك النزيف كان يحجب رؤيته.
لم يتراجع مارغريف أوركويل عن حذره. يعلم القوة النهائية للوحش الجريح.
حافظ على موقفه وقرب المسافة تدريجيا.
“سأتظاهر بجرح كتفه، ثم أستدير لأقطع حلقه بعمق. هذا كفيلٌ بقتله.”
على عكس يوريتش، لدى المارغريف متسع من الوقت والطاقة للتفكير في خطة هجومية واضحة. كرر مسار سيفه عدة مرات في ذهنه.
بوو!
نظر المارغريف جانبًا دون أن يحرك رأسه. من الظلام، سمع صوت حوافر الخيل، ورأى شابًا ذا عيون زرقاء من بين المشاعل المتساقطة. كان الأمير فاركا أنيو بوركانا.
“لماذا يتواجد الأمير في ساحة المعركة؟”
أصبح المارغريف في حيرة، ولكن لم يكن هناك وقت للتردد.
“يوريتش!” صرخ باهيل وهو ينزل عن الحصان. اندفع أوركويل ليهجم على البربري.
“لابد أن أنقذه.”
وجد باهيل القوس والنشاب على الأرض. استعاد ذكريات اللحظة التي أطلقه فيها مرتين.
بوو!
أمسك القوس والنشاب من الأرض بيدين مرتعشتين. لحسن الحظ، كان محمّلاً بسهم. لم يكن أمام المارغريف خيار سوى الانتباه إلى يديه.
“اللعنة.”
المارغريف تأخر كثيرًا وأوقف هجومه على يوريتش ورفع درعه بدلاً من ذلك.
بوو!
رفع المارغريف درعه إلى رأسه وانتظر حتى يصيبه السهم.
“لا أسمع صوت الضربة.”
لم يُسمع صوت السهم وهو يصطدم بالدرع. أدى غيابه إلى تأخير إنزال الدرع. لم يتجه السهم إلى المارغريف نظرًا لضعف دقة باهيل. لو تجاهل المارغريف الأمير ونفذ هجومه على يوريتش، لكان قد نجح في قتله.
بدا ذلك التأخير اللحظي في إنزال الدرع كافيًا لتحديد الفائز. كان ذلك التشتيت البسيط كافيًا.
يوريتش، الذي قد استعاد أنفاسه، تقدم خطوةً للأمام ولوّح بسيفه بكل قوته. يفتقر إلى القوة، فوضع ثقل جسده خلفه وضربه بقوة كالهراوة.
بوو!
حاول المارغريف صد الضربة بمد ذراعه اليمنى، معتقدًا أنه يستطيع استخدام ذراعه اليسرى لتبديل يديه لشن هجوم مضاد.
“مارغريف ذو الذراع الواحدة ليس لقبًا سيئًا.”
ظنّ أن ذراعًا واحدة تكفي لصد ضربة بربري منهك. لكنه كان مخطئًا. فالشفرة التي شقّت ذراعه اليمنى لم تتوقف عند هذا الحد، بل ضربت رأسه، محطمةً خوذته المعدنية. انهار رأسه مع الخوذة المشوهة.

 

انهار مارغريف أوركويل على الأرض وهو يتقيأ دمًا. تناثرت سوائله الجسدية الممزوجة بالدم من عينيه وأنفه وأذنيه، وظهر لحمه الوردي من خلال الشق في رأسه.
“لم أستطع القضاء عليك بتلك الضربة، أنا آسف. سأقضي عليك الآن.”
قال يوريتش، الذي انهار بجانب المارغريف، لعدوه المحتضر وهو بالكاد يرفع سيفه. لم يستطع المارغريف كتم ضحكه بعد سماع كلمات يوريتش. صورة يوريتش وهو ينظر إليه وهو على وشك توجيه الضربة القاضية تعكس ماضيه. لقد مات عدد لا يحصى من البرابرة وهم ينظرون إلى أوركويل بنفس الطريقة.
“الآن جاء دوري لأموت وأنا أنظر إلى بربري.”
آخر شيء رآه قبل النهاية هو رأس السيف.
بوو!
طعن يوريتش سيفه في حلق المارغريف أوركويل بضربة قصيرة. أغمض المارغريف عينيه.
سقط يوريتش أرضًا بجانب عدوه المهزوم. لم يبقَ لديه أي طاقة لأدنى حركة.
“لماذا أتيت؟ طلبتُ منك الاختباء والانتظار. لكنني نجوتُ بفضلك. ظننتُ أنني سأموت هذه المرة.”
بالكاد حرك يوريتش رأسه لينظر إلى باهيل.
“هل فعل كل هذا بنفسه حقًا؟ وحده؟”
نظر باهيل حوله وهو يعضّ شفتيه. هناك علامات على معركة شرسة. تسلل من أعماق قلبه شعورٌ بالخجل لم يشعر به من قبل.
“لا أعرف. ربما كنت خائفًا من الاختباء بمفردي ” أجاب باهيل وهو يمد يده نحو يوريتش على الأرض ليساعده على الجلوس.
” هل تخاف الاختباء أيضًا؟ أنت حقًا جبانٌ جدًا.”
أطلق يوريتش ضحكة خشنة.
“أقول إنني كنت خائفًا من أن أكون جبانًا لا يجيد سوى الاختباء… من المفترض أن أكون الملك في النهاية ” أجاب باهيل، لكن كلماته بأنه على وشك أن يصبح الملك لم تخرج من فمه بسهولة كما في السابق. أخذ سيف المارغريف وربطه بحزامه. شعر بثقل السيف غريبًا.
* * *
أصبح باهيل منهكًا. فقد اعتنى بجروح يوريتش طوال الليل.
“يا إلهي، كيف يبقى الإنسان حيًا بعد كل هذا؟ بصق.”
تقيأ باهيل مرارًا وتكرارًا. لم يكن النظر إلى اللحم تحت الجلد أمرًا ممتعًا.
“سخّن هذا الشيء وسلّمه. عليّ أن أحرق الجروح ” قال يوريتش وهو جالس على الأرض. كان العرق يتصبب من وجهه، وعيناه محتقنتان بالدم، وشفتاه جافتان لدرجة أنهما بدتا زرقاوين.
“حصلت عليه.”
مسح باهيل فمه وأخرج النصل الأحمر الساخن من النار.
“كم ندبة عنده؟ وهو في مثل عمري؟”
بدا جسد يوريتش مغطى بالندوب من رأسه إلى أخمص قدميه. الجروح والطعنات منتشرة في كل مكان، بينما خلّفت الحروق ندوبًا بشعة.
” بهذا المعدل، سأموت وأنا أعتني بك.”
قال باهيل وهو يضع الملقط والخنجر جانبًا. كان عليه أن يفحص جسد يوريتش ليجد رؤوس الأسهم المدفونة. لم يكن هذا شيئًا يتمنى تكراره أبدًا.
“كف عن التذمر، أنا من سيموت هنا. هف، هف ” أخذ يوريتش أنفاسًا عميقة قبل أن يضع الشفرة على جروحه. بدا علاجًا يائسًا اضطر لاستخدامه لأنه لم يكن هناك طريقة أخرى لتعقيم الجروح.
تسسسسسس!
“يا إلهي! يؤلمني بشدة في كل مرة أفعل ذلك، يا إلهي!” بدا يوريتش يحرق جرحًا تلو الآخر وهو يشتكي.
“أوه.”
سد باهيل أنفه لمنع رائحة لحم يوريتش المحترق.
“سأموت بهذه السرعة حقًا. لم أمرّ بمثل هذا الموقف منذ أن وصلت إلى هذا الجانب من الجبال.”
لم يُقاتل بهذه الشدة منذ مذبحة الثلاثين رجلاً، حين قتل ثلاثين محاربًا من قبيلة معادية على مدار ثلاثة أيام. كان إنجازًا ذاع صيته بين القبائل المجاورة.
“باهيل، لا، ما اسمك، فارك…” قال يوريتش بوجه شاحب.
“فاركا أنيو بوركانا، هذا هو اسمي.”
“أجل، هذا يا باهيل فاركا. إذا لم أستيقظ لسببٍ ما، فأحرق جثتي، لكن أرجوك قصّ شعري وخذه إلى سفح جبال السماء.”
“ماذا تقصد ب…”
لم يتمكن باهيل من إكمال جملته، حيث أغمض يوريتش عينيه وسقط فاقدًا للوعي.
“إنه يتنفس، إنه ليس ميتًا.”
تنفس باهيل بعد أن تأكد من أن يوريتش لا يزال يتنفس.
“إذا فكرت في الأمر، ما فعله لا معنى له.”
قتل يوريتش أكثر من عشرين رجلاً في غضون أيام قليلة. اضطر للقتال والنضال بمجرد تعافيه من إصابة ظهره التي أصيب بها جراء حمله لكايليوس.
“هذا شيء يمكن للمحارب أن يفتخر به طوال بقية حياته.”
كان العالم مليئًا بالفرسان والمحاربين المشهورين، و شيطان السيف فيرزين، الذي قاتل مائة رجل على الجسر، واحدًا منهم.
“أنت أيضًا سوف تصبح مشهورًا يومًا ما، يوريتش.”
حدّق باهيل في يوريتش النائم. بدا يوريتش مرتزقًا ومحاربًا. لا شيء يُخجله، لا في قدرته ولا في أفعاله. بدا رجلًا عظيمًا.
“هل أصبحت الرجل الذي يستحق أن يصبح ملكًا كما كنت أقول لنفسي؟”
ظل باهيل يسأل نفسه.
“لو كنتُ حارسَ خيولٍ أو مزارعًا، لكان من المقبول أن أعيشَ جبانًا. لكنني الرجلُ الذي سيعتلي العرش.”
لم يكن العالم شيئًا سهلاً للتنقل فيه، فضحك باهيل بمرارة.
“أنا لست مميزًا.”
كانت حقيقةً لم يُرِد الاعتراف بها قط. صنع باهيل سجادةً من عباءته وفرائه وربطها بكايليوس.
“بعد كل هذا النزيف، لا يزال ثقيلاً.”
أمسك باهيل بيوريتش من الجزء العلوي من جسده وسحبه .
” كايليوس.”
صهل كايليوس بهدوء وهو يسحب الملائة التي بدا يوريتش يستريح عليها.
تاه باهيل يومًا آخر حتى وصل إلى طريق مزدحم. لحسن الحظ، التقى بقافلة متجهة إلى مدينة فالجما وانضم إليها. دخلوا أبواب المدينة في أقل من نصف يوم، وبعد قضاء يومين آخرين في نُزُل في فالجما، استعاد يوريتش وعيه أخيرًا.
وفي اليوم التالي، انضم إليهم أخوة يوريتش في المدينة.

“ابتعد عن طريقي، سأتعامل معه!” انطلق مارغريف أوركويل نحو يوريتش بينما يسيطر على حصانه الخائف. “واووه!” أطلق يوريتش صراخا وحشيًا على المارغريف الذي كان يهاجم على حصانه. ارتجف الحصان مرة أخرى، وخدش المارغريف خاصرة الحصان بقوة بحذائه. فتذكر الحصان المتردد أمر صاحبه، فاستأنف هجومه. بوو! اصبح لنصل المارغريف زخم حصانٍ راكض. تلقى يوريتش الضربة وقدماه مثبتتان في الأرض. “أوه!” شعر المارغريف بدفعة قوية في الجزء العلوي من جسده للخلف. ورغم قوة دفع الحصان، شعر أن البربري يتغلب عليه. “ذراعي سوف تنكسر إذا لم أحرك سيفي بعيدًا عن الطريق.” أرخى المارغريف توتر ساقيه لامتصاص صدمة الاصطدام. سقط عن الحصان، وسقط على الأرض بحركة بهلوانية. “سيدي!” صرخ الجنود. “حاصروه! هاجموه من كل اتجاه!” صرخ المارغريف في جنوده. لم يكن هناك مكان لقائد لا يستطيع الاعتناء بنفسه في ساحة المعركة. نهض واقفًا على قدميه وأمسك بمقبض سيفه بإحكام. ” همف!” ألقى يوريتش فأسه الثاني. انغرز الفأس في نصف ركبة الجندي، مما أدى إلى انهيار المفصل الممزق للخلف. سقط الجندي أرضًا محدثًا صرخة مدوية. استنفد يوريتش فأسيه. تدحرج على الأرض ليلتقط الدرع الذي أسقطه أحد الجنود. بدا درعًا مثلثًا مقلوبًا. “درع.” لم يكن يوريتش مولعًا باستخدام الدرع. حتى في قبيلته، لم يكن يستخدمه إلا نادرًا لصد السهام. “هل هذه هي الطريقة التي استخدموها بها؟” قام يوريتش بتقليد حامل الدرع الذي شاهده هنا وهناك. كان الرجال المتحضرون بارعين في استخدام الدروع. عرفوا كيف يهاجمون ويدافعون بها. سمح شكل المثلث المقلوب لحامله باستخدامه كسلاح بطرفه المدبب. بوو! تصدى يوريتش لهجمات الجنود من خلال تحريك الدرع ودفعهم للخلف. بوو! ارتجف جسده. انطلق سهم من قوس ونشاب واستقر في ظهره، لكن يوريتش لم يبدُ عليه الانزعاج وهو يواصل التقدم نحو أعدائه. “ه-هل لا يعمل عليه؟” لم يكن السهم قادرًا على الحفر عميقًا في يوريتش بسبب معطف الفرو الذي يغطي الجزء العلوي من جسده بالكامل إلى جانب عضلات ظهره التي تشبه الدروع. “اضرب رأسه، رأسه!” صرخ أوركويل. صوّب الجنود ذوو الأقواس النشابية في آنٍ واحد نحو رأس يوريتش. بوو! رفع يوريتش درعه لحماية رأسه وجزءه العلوي. وما إن أصابت السهام الدرع، حتى اندفع يوريتش للأمام بحركة سريعة. ‘هذا السلاح الغريب يستغرق وقتًا طويلاً لإعادة التحميل.’ لقد رأى يوريتش القوس والنشاب مرات كافية ليعرف المدة التي يستغرقها إعادة تحميله. ” اللعنة!” دفع يوريتش الجنود بدرعه، وسحق رؤوسهم المتعثرة بركبتيه. وبينما سقط وزنه الهائل على وجوههم، انهارت رؤوسهم وعظام وجوههم. واصلت يدا يوريتش التحرك بسرعة لذبح الجنود. “ماذا تفعل، لا يمكنك أن تخاف!” حاول المساعد تشجيع جنوده، لكنهم كانوا جميعًا يسقطون واحدًا تلو الآخر، خائفين من شراسة يوريتش. “يمكننا قتله بهجمة واحدة إذا قمنا بتنسيق هجماتنا بشكل صحيح.” لم يكن هناك سببٌ لهزيمتهم. ففي النهاية، كان عدوهم بربريًا واحدًا صمد في وجههم دون درعٍ واحد. “آ …”” لكن الجنود كانوا هم من يُحتضرون. عندها أدرك المساعد أن هناك خطبًا ما. “الخوف من أن الهجوم أولاً سيؤدي إلى موتٍ محقق. لقد غمرنا به.” هذا هو ما منع الجنود من تنسيق هجومٍ مُحكم. من يقفز أولاً سيموت حتمًا. ما جدوى قتل البربري إذا فقدتَ حياتكَ أيضًا في هذه العملية؟ لم يكن لدى أي جندي الشغف والولاء الكافي للقفز رغم موتٍ مُحقق. تردد جميع الجنود في أن يكونوا أول من يهاجم، مما أدى إلى أسوأ نتيجة، وهي مقتلهم جميعًا واحدًا تلو الآخر. لو كان الجنود بلا خوف من الموت، مثل محاربي الشمال، لكان يوريتش قد طُعن حتى الموت منذ زمن. ‘ هذه هي قوة البربري التي كان اللورد يتحدث عنها.’ جنون الاندفاع نحو الموت، والاستعداد للقتال بقلب مكشوف عند الضرورة. أدرك المساعد الشاب الأهمية الحاسمة لمعنويات الجنود في ساحة المعركة. “الآن فهمت لماذا ناضل الجيش الحضاري ضد البرابرة.” بعد أن أدرك المساعد الحقيقة، أدرك أن وقته قد انتهى. طعن سيف يوريتش رقبته بسكين. انتهى الأمر بالعديد من الفرسان والمحاربين إلى الموت قبل أن يتمكنوا من تجميع خبراتهم. تم إنشاء الفرسان والمحاربين الأقوياء على كومة من الموت، وكان هذا المساعد الشاب مجرد جزء من الكومة. “كيك، كيك كيك ” بعد أن خسر كل رجاله، ضحك مارغريف أوركويل ووجهه مغطى بيد واحدة. ” هاف، هاف.” بدا يوريتش بالكاد واقفًا، ممسكًا بسيفه المغروس في الأرض. لم يكن الجنود الذين ماتوا بهياجته خائفين إلا لأنهم لم يتمكنوا من رؤية حالته الحقيقية. في الحقيقة، لم يكن سوى حيوان جريح ومنهك. هناك جروح عميقة وواضحة في ذراعيه وساقيه، إذ لم يكن بإمكانه سوى تغطية نقاط الضعف القاتلة في جسده، مثل رأسه وجذعه. كان الدم يتدفق من الجروح العميقة. أصبح وجهه شاحبًا، ورؤوس الأسهم تغوص في جسده مع كل حركة طفيفة. “لا يمكنك خداعي. لقد اعتدتُ على خوفك المُفرط.” ابتسم المارغريف وهو يحدق في صورة يوريتش الحقيقية. بالكاد استطاع الوقوف. بوو! أمسك المارغريف سيفه بكلتا يديه ورفعه عالياً. “لن أمنحك أي وقت للتعافي، أيها البربري المجهول. انت بحق أعظم البرابرة الذين قابلتهم.” لم يُحدث موت رجاله ذرة حزن في قلب المارغريف. بل بدا قلبه متجمدًا منذ زمن بعيد. كان فارسًا شهد موتًا كثيرًا لدرجة أنه لم يعد يؤثر فيه. لم يبقَ في قلبه الفارس سوى شعور مُشوّه بالرهبة، حلّ محلّ الكراهية الأولية. نظر يوريتش إلى المارغريف. أصبح التفكير السليم يزداد صعوبة عليه. أدى الجهد البدني الشديد إلى إرهاق ذهني، إذ لا يمكن التفكير بوضوح إلا بجسم مرتاح. “أنا… يجب أن… أفكر…” تمتم يوريتش. شعر وكأن عضلات ذراعيه وساقيه قد فارقت جسده. شعر وكأنه على وشك الانهيار ما لم يسند نفسه بسيفه. كل ذلك النزيف كان يحجب رؤيته. لم يتراجع مارغريف أوركويل عن حذره. يعلم القوة النهائية للوحش الجريح. حافظ على موقفه وقرب المسافة تدريجيا. “سأتظاهر بجرح كتفه، ثم أستدير لأقطع حلقه بعمق. هذا كفيلٌ بقتله.” على عكس يوريتش، لدى المارغريف متسع من الوقت والطاقة للتفكير في خطة هجومية واضحة. كرر مسار سيفه عدة مرات في ذهنه. بوو! نظر المارغريف جانبًا دون أن يحرك رأسه. من الظلام، سمع صوت حوافر الخيل، ورأى شابًا ذا عيون زرقاء من بين المشاعل المتساقطة. كان الأمير فاركا أنيو بوركانا. “لماذا يتواجد الأمير في ساحة المعركة؟” أصبح المارغريف في حيرة، ولكن لم يكن هناك وقت للتردد. “يوريتش!” صرخ باهيل وهو ينزل عن الحصان. اندفع أوركويل ليهجم على البربري. “لابد أن أنقذه.” وجد باهيل القوس والنشاب على الأرض. استعاد ذكريات اللحظة التي أطلقه فيها مرتين. بوو! أمسك القوس والنشاب من الأرض بيدين مرتعشتين. لحسن الحظ، كان محمّلاً بسهم. لم يكن أمام المارغريف خيار سوى الانتباه إلى يديه. “اللعنة.” المارغريف تأخر كثيرًا وأوقف هجومه على يوريتش ورفع درعه بدلاً من ذلك. بوو! رفع المارغريف درعه إلى رأسه وانتظر حتى يصيبه السهم. “لا أسمع صوت الضربة.” لم يُسمع صوت السهم وهو يصطدم بالدرع. أدى غيابه إلى تأخير إنزال الدرع. لم يتجه السهم إلى المارغريف نظرًا لضعف دقة باهيل. لو تجاهل المارغريف الأمير ونفذ هجومه على يوريتش، لكان قد نجح في قتله. بدا ذلك التأخير اللحظي في إنزال الدرع كافيًا لتحديد الفائز. كان ذلك التشتيت البسيط كافيًا. يوريتش، الذي قد استعاد أنفاسه، تقدم خطوةً للأمام ولوّح بسيفه بكل قوته. يفتقر إلى القوة، فوضع ثقل جسده خلفه وضربه بقوة كالهراوة. بوو! حاول المارغريف صد الضربة بمد ذراعه اليمنى، معتقدًا أنه يستطيع استخدام ذراعه اليسرى لتبديل يديه لشن هجوم مضاد. “مارغريف ذو الذراع الواحدة ليس لقبًا سيئًا.” ظنّ أن ذراعًا واحدة تكفي لصد ضربة بربري منهك. لكنه كان مخطئًا. فالشفرة التي شقّت ذراعه اليمنى لم تتوقف عند هذا الحد، بل ضربت رأسه، محطمةً خوذته المعدنية. انهار رأسه مع الخوذة المشوهة.

 

 

 

“ابتعد عن طريقي، سأتعامل معه!” انطلق مارغريف أوركويل نحو يوريتش بينما يسيطر على حصانه الخائف. “واووه!” أطلق يوريتش صراخا وحشيًا على المارغريف الذي كان يهاجم على حصانه. ارتجف الحصان مرة أخرى، وخدش المارغريف خاصرة الحصان بقوة بحذائه. فتذكر الحصان المتردد أمر صاحبه، فاستأنف هجومه. بوو! اصبح لنصل المارغريف زخم حصانٍ راكض. تلقى يوريتش الضربة وقدماه مثبتتان في الأرض. “أوه!” شعر المارغريف بدفعة قوية في الجزء العلوي من جسده للخلف. ورغم قوة دفع الحصان، شعر أن البربري يتغلب عليه. “ذراعي سوف تنكسر إذا لم أحرك سيفي بعيدًا عن الطريق.” أرخى المارغريف توتر ساقيه لامتصاص صدمة الاصطدام. سقط عن الحصان، وسقط على الأرض بحركة بهلوانية. “سيدي!” صرخ الجنود. “حاصروه! هاجموه من كل اتجاه!” صرخ المارغريف في جنوده. لم يكن هناك مكان لقائد لا يستطيع الاعتناء بنفسه في ساحة المعركة. نهض واقفًا على قدميه وأمسك بمقبض سيفه بإحكام. ” همف!” ألقى يوريتش فأسه الثاني. انغرز الفأس في نصف ركبة الجندي، مما أدى إلى انهيار المفصل الممزق للخلف. سقط الجندي أرضًا محدثًا صرخة مدوية. استنفد يوريتش فأسيه. تدحرج على الأرض ليلتقط الدرع الذي أسقطه أحد الجنود. بدا درعًا مثلثًا مقلوبًا. “درع.” لم يكن يوريتش مولعًا باستخدام الدرع. حتى في قبيلته، لم يكن يستخدمه إلا نادرًا لصد السهام. “هل هذه هي الطريقة التي استخدموها بها؟” قام يوريتش بتقليد حامل الدرع الذي شاهده هنا وهناك. كان الرجال المتحضرون بارعين في استخدام الدروع. عرفوا كيف يهاجمون ويدافعون بها. سمح شكل المثلث المقلوب لحامله باستخدامه كسلاح بطرفه المدبب. بوو! تصدى يوريتش لهجمات الجنود من خلال تحريك الدرع ودفعهم للخلف. بوو! ارتجف جسده. انطلق سهم من قوس ونشاب واستقر في ظهره، لكن يوريتش لم يبدُ عليه الانزعاج وهو يواصل التقدم نحو أعدائه. “ه-هل لا يعمل عليه؟” لم يكن السهم قادرًا على الحفر عميقًا في يوريتش بسبب معطف الفرو الذي يغطي الجزء العلوي من جسده بالكامل إلى جانب عضلات ظهره التي تشبه الدروع. “اضرب رأسه، رأسه!” صرخ أوركويل. صوّب الجنود ذوو الأقواس النشابية في آنٍ واحد نحو رأس يوريتش. بوو! رفع يوريتش درعه لحماية رأسه وجزءه العلوي. وما إن أصابت السهام الدرع، حتى اندفع يوريتش للأمام بحركة سريعة. ‘هذا السلاح الغريب يستغرق وقتًا طويلاً لإعادة التحميل.’ لقد رأى يوريتش القوس والنشاب مرات كافية ليعرف المدة التي يستغرقها إعادة تحميله. ” اللعنة!” دفع يوريتش الجنود بدرعه، وسحق رؤوسهم المتعثرة بركبتيه. وبينما سقط وزنه الهائل على وجوههم، انهارت رؤوسهم وعظام وجوههم. واصلت يدا يوريتش التحرك بسرعة لذبح الجنود. “ماذا تفعل، لا يمكنك أن تخاف!” حاول المساعد تشجيع جنوده، لكنهم كانوا جميعًا يسقطون واحدًا تلو الآخر، خائفين من شراسة يوريتش. “يمكننا قتله بهجمة واحدة إذا قمنا بتنسيق هجماتنا بشكل صحيح.” لم يكن هناك سببٌ لهزيمتهم. ففي النهاية، كان عدوهم بربريًا واحدًا صمد في وجههم دون درعٍ واحد. “آ …”” لكن الجنود كانوا هم من يُحتضرون. عندها أدرك المساعد أن هناك خطبًا ما. “الخوف من أن الهجوم أولاً سيؤدي إلى موتٍ محقق. لقد غمرنا به.” هذا هو ما منع الجنود من تنسيق هجومٍ مُحكم. من يقفز أولاً سيموت حتمًا. ما جدوى قتل البربري إذا فقدتَ حياتكَ أيضًا في هذه العملية؟ لم يكن لدى أي جندي الشغف والولاء الكافي للقفز رغم موتٍ مُحقق. تردد جميع الجنود في أن يكونوا أول من يهاجم، مما أدى إلى أسوأ نتيجة، وهي مقتلهم جميعًا واحدًا تلو الآخر. لو كان الجنود بلا خوف من الموت، مثل محاربي الشمال، لكان يوريتش قد طُعن حتى الموت منذ زمن. ‘ هذه هي قوة البربري التي كان اللورد يتحدث عنها.’ جنون الاندفاع نحو الموت، والاستعداد للقتال بقلب مكشوف عند الضرورة. أدرك المساعد الشاب الأهمية الحاسمة لمعنويات الجنود في ساحة المعركة. “الآن فهمت لماذا ناضل الجيش الحضاري ضد البرابرة.” بعد أن أدرك المساعد الحقيقة، أدرك أن وقته قد انتهى. طعن سيف يوريتش رقبته بسكين. انتهى الأمر بالعديد من الفرسان والمحاربين إلى الموت قبل أن يتمكنوا من تجميع خبراتهم. تم إنشاء الفرسان والمحاربين الأقوياء على كومة من الموت، وكان هذا المساعد الشاب مجرد جزء من الكومة. “كيك، كيك كيك ” بعد أن خسر كل رجاله، ضحك مارغريف أوركويل ووجهه مغطى بيد واحدة. ” هاف، هاف.” بدا يوريتش بالكاد واقفًا، ممسكًا بسيفه المغروس في الأرض. لم يكن الجنود الذين ماتوا بهياجته خائفين إلا لأنهم لم يتمكنوا من رؤية حالته الحقيقية. في الحقيقة، لم يكن سوى حيوان جريح ومنهك. هناك جروح عميقة وواضحة في ذراعيه وساقيه، إذ لم يكن بإمكانه سوى تغطية نقاط الضعف القاتلة في جسده، مثل رأسه وجذعه. كان الدم يتدفق من الجروح العميقة. أصبح وجهه شاحبًا، ورؤوس الأسهم تغوص في جسده مع كل حركة طفيفة. “لا يمكنك خداعي. لقد اعتدتُ على خوفك المُفرط.” ابتسم المارغريف وهو يحدق في صورة يوريتش الحقيقية. بالكاد استطاع الوقوف. بوو! أمسك المارغريف سيفه بكلتا يديه ورفعه عالياً. “لن أمنحك أي وقت للتعافي، أيها البربري المجهول. انت بحق أعظم البرابرة الذين قابلتهم.” لم يُحدث موت رجاله ذرة حزن في قلب المارغريف. بل بدا قلبه متجمدًا منذ زمن بعيد. كان فارسًا شهد موتًا كثيرًا لدرجة أنه لم يعد يؤثر فيه. لم يبقَ في قلبه الفارس سوى شعور مُشوّه بالرهبة، حلّ محلّ الكراهية الأولية. نظر يوريتش إلى المارغريف. أصبح التفكير السليم يزداد صعوبة عليه. أدى الجهد البدني الشديد إلى إرهاق ذهني، إذ لا يمكن التفكير بوضوح إلا بجسم مرتاح. “أنا… يجب أن… أفكر…” تمتم يوريتش. شعر وكأن عضلات ذراعيه وساقيه قد فارقت جسده. شعر وكأنه على وشك الانهيار ما لم يسند نفسه بسيفه. كل ذلك النزيف كان يحجب رؤيته. لم يتراجع مارغريف أوركويل عن حذره. يعلم القوة النهائية للوحش الجريح. حافظ على موقفه وقرب المسافة تدريجيا. “سأتظاهر بجرح كتفه، ثم أستدير لأقطع حلقه بعمق. هذا كفيلٌ بقتله.” على عكس يوريتش، لدى المارغريف متسع من الوقت والطاقة للتفكير في خطة هجومية واضحة. كرر مسار سيفه عدة مرات في ذهنه. بوو! نظر المارغريف جانبًا دون أن يحرك رأسه. من الظلام، سمع صوت حوافر الخيل، ورأى شابًا ذا عيون زرقاء من بين المشاعل المتساقطة. كان الأمير فاركا أنيو بوركانا. “لماذا يتواجد الأمير في ساحة المعركة؟” أصبح المارغريف في حيرة، ولكن لم يكن هناك وقت للتردد. “يوريتش!” صرخ باهيل وهو ينزل عن الحصان. اندفع أوركويل ليهجم على البربري. “لابد أن أنقذه.” وجد باهيل القوس والنشاب على الأرض. استعاد ذكريات اللحظة التي أطلقه فيها مرتين. بوو! أمسك القوس والنشاب من الأرض بيدين مرتعشتين. لحسن الحظ، كان محمّلاً بسهم. لم يكن أمام المارغريف خيار سوى الانتباه إلى يديه. “اللعنة.” المارغريف تأخر كثيرًا وأوقف هجومه على يوريتش ورفع درعه بدلاً من ذلك. بوو! رفع المارغريف درعه إلى رأسه وانتظر حتى يصيبه السهم. “لا أسمع صوت الضربة.” لم يُسمع صوت السهم وهو يصطدم بالدرع. أدى غيابه إلى تأخير إنزال الدرع. لم يتجه السهم إلى المارغريف نظرًا لضعف دقة باهيل. لو تجاهل المارغريف الأمير ونفذ هجومه على يوريتش، لكان قد نجح في قتله. بدا ذلك التأخير اللحظي في إنزال الدرع كافيًا لتحديد الفائز. كان ذلك التشتيت البسيط كافيًا. يوريتش، الذي قد استعاد أنفاسه، تقدم خطوةً للأمام ولوّح بسيفه بكل قوته. يفتقر إلى القوة، فوضع ثقل جسده خلفه وضربه بقوة كالهراوة. بوو! حاول المارغريف صد الضربة بمد ذراعه اليمنى، معتقدًا أنه يستطيع استخدام ذراعه اليسرى لتبديل يديه لشن هجوم مضاد. “مارغريف ذو الذراع الواحدة ليس لقبًا سيئًا.” ظنّ أن ذراعًا واحدة تكفي لصد ضربة بربري منهك. لكنه كان مخطئًا. فالشفرة التي شقّت ذراعه اليمنى لم تتوقف عند هذا الحد، بل ضربت رأسه، محطمةً خوذته المعدنية. انهار رأسه مع الخوذة المشوهة.

*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com

 

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اترك تعليقاً

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

تم كشف مانع اعلانات

للتخلص من جميع الاعلانات، نقدم لك موقعنا المدفوع kolnovel.com

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط