الفصل 51
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
رشّ هارفالد البارود الأسود في نار المخيم مرارًا وتكرارًا، بينما كان البارود يحترق مُصدرًا صوت بوو! تفاعل البارود الأسود مع الحرارة مُكوّنًا ألسنة لهب ملونة ارتفعت للحظة وتمايلت بشكل جميل.
‘ماذا كان هذا؟’
اتسعت عينا يوريتش. بدا قلبه ينبض بقوة كما لو كان يعبر جبال السماء. لم يرَ شيئًا كهذا من قبل.
“نسمي هذا مسحوق اللهب. يمكن لأي شخص القيام بذلك طالما لديه هذا المسحوق؛ فهو ليس سحرًا على الإطلاق.”
قال هارفالد بهدوء، لكن المرتزقة لم يبدوا مقتنعين تمامًا. حتى باهيل، الذي كان أكثر دراية من أي شخص آخر هناك، لم يستطع سوى التحديق في المحارب بفكه المتجمد.
“أعطني هذا، أريد أن أحاول.”
كسر يوريتش الصمت وطلب البارود. أخذ حفنة من هارفالد وألقى بها في النار.
ووش! كواه!
اشتعلت النار. شعر يوريتش بحرارة الاحتراق فابتسم بنشوة.
“ههه، أنا الساحر يا أولاد العاهرة!” قال يوريتش بانفعال شديد. أصبح شعر جبهته محترقًا بالنار، لكنه لم يكترث.
’قائدهم بربري مُعتنق’، فكّر هارفالد وهو ينظر إلى قلادة الشمس الخاصة بيوريتش. بدت أفعاله سخيفة للغاية.
” على أي حال، ما الذي دفعك للسفر مع مجموعة من المرتزقة يا سيدي فيليون؟ يبدو أن الجرح في يدك لا يزال حديثا…”
“لا أستطيع أن أخبرك بذلك، حتى لمحارب الشمس.”
كان فيليون حذرًا جدًا في اختيار مَن يتحدث إليه بشأن هدفهم، وقد احترم هارفالد ذلك وامتنع عن طرح أي أسئلة أخرى. ثم نظر المحارب حول المجموعة.
“هؤلاء الرجال شماليون، ولم يعتنقوا الشمس بعد، كما أرى.”
ركز هارفالد عينيه على الشماليين بعد أن ألقى نظرة خاطفة على المرتزقة المتجمعين. غمره شعورٌ بالمسؤولية، فتلا دعاءً قصيرًا ونهض من مقعده.
“يا أهل ارض أمي، احبوا الشمس. حاكم الشمس ينتظر دائمًا عودة أبنائه الضالين إليه ” قال هارفالد لسفين. كلماته دفعت سفين أخيرًا إلى حافة الانهيار.
زوو!
التقط سفين فأسه ذي اليدين وسار نحو هارفالد. ارتجف المحارب وسحب سيفه. بدا وكأن القتال وشيك.
“توقفا عن ذلك، كلاكما.”
شعر هارفالد ببرودة مفاجئة على رقبته. وقبل أن يدري، تقدّم يوريتش من خلفه وضغط بشفرة فأسه على حلقه.
“متى جاء خلفي وأخرج سلاحه؟”
حاول هارفالد الرد بإخراج خنجر من خصره.
بوو!
أمسك يوريتش بيده بسرعة ومنعه من سحب خنجره. بدا هارفالد، الذي يجري في عروقه دم الشمال، رجلاً قوياً، لكنه لم يستطع الفرار من قبضة يوريتش.
“ما اقوى هذه القبضة! أشعر وكأن أصابعي على وشك أن تنكسر.”
بعد نزع سلاح هارفالد بالكامل، أدار يوريتش رأسه نحو سفين.
“سفين، أنا قائد هذه الفرقة. هل تجرؤ على سحب سلاحك دون إذني؟ هل تريد الموت أيها العجوز؟” صرخ يوريتش. عبس سفين للحظة، ثم أومأ برأسه.
“خطأي يا زعيم.”
تراجع سفين دون أي ضجة لأنه يحترم سلطة يوريتش.
” وهارفالد. لا يهمني من أنت أو ما أنت عليه، ولا يهمني حتى كونك “محارب الشمس”. لا تُملِ على أخي ما يجب فعله. قد أكون من أتباع الشمس، لكن إن أهنت سفين مرة أخرى، فستكون أنت من سيموت. لا تتجاوز أي حدود هنا. طالما فعلت ذلك، سنكون جميعًا أصدقاء. ”
أومأ هارفالد بسيفه، وفعل يوريتش الشيء نفسه.
“يا له من تحكمٍ مُذهلٍ في رجاله. إنه بارعٌ بالفطرة،” فكّر فيليون في نفسه بارتياح. للحظة، انتابه القلق من أن يحدث خطأٌ ما.
“أعتذر لزعيم المرتزقة يوريتش، وله أيضًا.”
أبدى هارفالد اعتذاره لسفين، الذي اكتفى بإمالة رأسه لإظهار أدنى قدر من الاعتراف.
خفّ التوتر، وعاد المرتزقة إلى مقاعدهم. ابتسم يوريتش وربت على كتف هارفالد.
“حسنًا، أين كنا؟ يا أخي هارفالد، هل لديك المزيد من هذا المسحوق؟” سأل يوريتش وعيناه تلمعان. ناول هارفالد بقية المسحوق إلى يوريتش. على أي حال، لم يتبقَّ الكثير.
“اعتقدت أنه مجرد رجل بسيط، لكن أعتقد أن هذا لم يكن كل شيء…” تمتم هارفالد وهو ينظر إلى ظهر يوريتش الذي كان أمام نار المخيم المشتعلة بشكل متكرر.
* * *
في اليوم الثاني، خرج المرتزقة من الغابة. وانتهت الغابة الكثيفة بسهل يؤدي إلى الطريق الرئيسي الكبير.
“حاكم الشمال هو حاكم المحاربين الحقيقي ” قال سفين وهو يسير بجانب يوريتش. لم يكن سعيدًا جدًا بمرافقة محاربي الشمس لهم.
“حسنًا، حسنًا، لقد فهمت، لذا استرخِ فقط، يا رجل عجوز.”
” حاكم الشمس لو لا يُحب المعارك والحروب. يُعامل المزارعين والمحاربين على قدم المساواة. لكن أولجارو، حاكم الشمال، لديه حقل مُجهز للمحاربين فقط. إذا كنتَ محاربًا، فعليك أن تُؤمن بأولجارو. لا شك في ذلك ” قال سفين وهو يُرشّ لعابه على لحيته. هزّ يوريتش كتفيه.
“لكنني أؤمن بلو أيضًا.”
“هذا لأنك لست شماليًا.”
أدار سفين عينيه ونظر إلى يوريتش. تبادل الرجلان النظرات.
“رجل من وراء الجبال.”
لم يقل يوريتش ذلك بنفسه أبدًا، لكن سفين لديه فكرة عن المكان الذي أتى منه يوريتش.
الفصل 51 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
علّق سفين فأسه المزدوج على كتفه وضغط خوذته الصدئة. لمعت عيناه تحت الخوذة بشراسة. مع كل حركة، اهتزّ درعه بحلقة معدنية.
“من الأفضل أن تحصل على درع لنفسك ” قال سفين ليوريتش بينما يفحصه من أعلى إلى أسفل.
كل ما يرتديه يوريتش هو معطف من الفرو. لم يكن يغطي جسده بالكامل، ولم يكن يحمي الأجزاء التي يغطيها.
“إنه يجعلني بطيئا، لا أحبه.”
“ليس الأمر أن الناس لا يعرفون ذلك، بل إن فائدة ارتداء الدروع تفوق بكثير الإزعاج المصاحب لها. حتى أعظم المحاربين سيتعرضون للضرب عاجلاً أم آجلاً. لا يمكنك صد أو تفادي كل هجوم يعترض طريقك ” قال سفين وهو يضرب على الدرع الدائري الذي على ظهره. كان سلاحه المعتاد فأسه الكبير ذو اليدين، لكنه كان يستخدم فأسًا بيد واحدة مع درعه الدائري. كان يُكيّف معداته مع الموقف.
ازداد عدد المرتزقة المدججين بالأسلحة الثقيلة يومًا بعد يوم. وكانت المعدات التي تحمي حياتهم من أهم مشترياتهم لمن يملكون المال الكافي لشرائها. وتحولت الدروع القماشية والجلدية تدريجيًا إلى دروع .
“لا يوجد أفضل من درع متسلسل جيد لمرتزقة مثلنا. الخيار الأفضل الوحيد هو الدرع الكامل.”
كان الدرع الكامل محجوزًا لفرسان ونبلاء الإمبراطورية، إذ يُصنع فقط في مصانعها. الأسلحة الفولاذية الإمبراطورية متوفرة أحيانًا في السوق العامة، لكن الدرع الكامل شبه مستحيل العثور عليه في السوق.
“لحم الإنسان ودمه أضعف من المعدن. تذكر ذلك يا يوريتش ” قال سفين وهو يتراجع للخلف بعد أن رأى محارب الشمس هارفالد يقترب من يوريتش.
“قائد المرتزقة يوريتش، أعتذر عن عدم تعرفي عليك وعلى فرقتك سابقًا. لقد سمعتُ أيضًا حكايات مرتزقة الأسد الفضي الشهيرة ” قال هارفالد. لقد سمعَ بعضًا من رحلة أخوة يوريتش من المرتزقة الآخرين.
“لقد هزمت فرقة المرتزقة التي حاربت ضد مرتزقة الأسد الفضي وزعيمهم من الفرسان … وربما يكون هذا مبالغًا فيه ولكنه رفع حصانًا كاملاً.”
حدق يوريتش في هارفالد.
“حسنًا، لا داعي للاعتذار. على أي حال، الآن وقد خرجنا من الغابة، أفترض أننا سنسلك طرقًا منفصلة؟ سنواصل الصعود من هذا الطريق.”
أراد يوريتش التخلص من محاربي الشمس في أقرب وقت ممكن.
وجود محاربي الشمس وحده يُثير سفين والشماليين الآخرين. لن يُثمر أي خيرٍ من بقائهم.
لكن هارفالد له رأي آخر. أراد المضي قدمًا مع المرتزقة.
“فقدنا جميع خيولنا في الفخاخ التي نصبها الساحر. ألا يكون من المقبول أن نسافر معًا حتى نجد مدينة نشتري منها بعض الخيول؟ علاوة على ذلك، هذه المنطقة ليست آمنة. وهذا أحد أسباب إرسالنا، نحن محاربي الشمس، للتعامل مع ساحر واحد. النبيل الذي غرق في الديون من كل إنفاقه الباذخ، حل جيشه الخاص، فلم يعد هناك من يصد اللصوص والمجرمين. سيُجرّد من لقبه وأراضيه قريبًا.”
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى يفهم يوريتش والمرتزقة بالضبط ما يعنيه هارفالد عندما قال أن المنطقة غير آمنة.
بعد نصف يوم تقريبًا من السفر بعد خروجهم من الغابة، رصدوا دخانًا يتصاعد في المسافة.
“لا يمكن أن يكون هذا الدخان ناتجًا عن الخبز.”
“دعونا نتجول فقط، لا داعي للانشغال بهذا الأمر.”
وصل المرتزقة إلى قرية زراعية مشتعلة. تصاعد دخان رمادي في السماء.
“يبدو أنهم تعرضوا لهجوم من قطاع الطرق. أوه، مات واحد آخر للتو. لا أستطيع تحديد عددهم بالضبط لأن الكثير منهم موجود في المنازل، لكن يبدو أنهم حوالي عشرين ” قال يوريتش وهو يحدق. أخبر المرتزقة عن الوضع الذي يراه حول قرية المزرعة.
“هل ترى ذلك من هنا؟” اتسعت عينا هارفالد. بدا له كل شيء وكأنه نقاط صغيرة.
اعتاد المرتزقة على بصر يوريتش الاستثنائي، لكن الأمر بمثابة صدمة لهارفالد محارب الشمس. حتى بين محاربي الشمس، حيث الجميع من أصول بربرية، لم يكن أحد يتمتع بمثل هذه الرؤية الثاقبة.
“يوريتش، هيا بنا ننقذهم! هيا بنا يا محاربي الشمس!” صرخ هارفالد وهو يسحب سيفه. بدا محاربو الشمس مستعدين للهجوم في أي لحظة.
“هاه؟ لماذا نذهب؟”
“هؤلاء اللصوص يسرقون المزارعين الفقراء العاجزين! لا يمكننا نحن، أنصار الشمس، أن نتجاهل هذا! ”صرخ هارفالد وهو يقفز بقلق. بمساعدة المرتزقة، لأصبحت النتيجة واضحة.
” يحصد المزارعون محاصيلهم من الأرض بعرق جبينهم، ويسرق قطاع الطرق ممتلكاتهم بدمائهم. من يحدد ما هو الجيد وما هو السيئ؟ ليس الأمر كما لو أنهم عائلتي ” هزّ يوريتش كتفيه، مما جعل هارفالد يعقد حاجبيه.
” سيتذكر حاكم الشمس لو كلماتك! سننقذ المزارعين بأنفسنا!”
أصبح هارفالد يحتقر يوريتش. قاد محاربي الشمس وركض إلى أسفل التل.
“للشمس!!!!”
“للشمس!”
“أوه، لو!”
شقّ محاربو الشمس طريقهم نحو قرية المزرعة المحترقة، مُحدثين كل ما في وسعهم من ضجيج. كان مشهد الخمسة وهم يركضون بعد أن فقدوا خيولهم مُسليًا للغاية.
“ليس لدينا وقت للتفكير في الآخرين الآن. إنه لأمر مؤسف، ولكن كما قال يوريتش، لا يمكننا مساعدتهم يا أميري ” قال فيليون للأمير. نظر باهيل إلى فيليون وهو يربت على كايليوس.
“السيد فيليون، من أنا؟” فكر باهيل، ثم سأل.
“أنت الوريث الشرعي الوحيد لمملكة بوركانا ” أجاب فيليون.
أغمض باهيل عينيه وسحب السيف من حزامه.
“هذا صحيح. أنا فاركا أنيو بوركانا. حتى لو غضضتُ الطرف، أنا الملك المُقبل، فمن سيعتني بشعبي المُستضعف؟”
“إنهم ليسوا من مملكتنا يا أميري. من يجب أن يخجل هو السيد، الذي لا يستطيع حماية شعبه. هذا ليس من شأننا. ”
كان فيليون فارسًا أيضًا. لكن قيمه تكمن في الولاء. لم يكن يخشى فعل أي شيء من أجل سلامة سيده، مهما كان هذا الفعل لا أخلاقيًا. بالنسبة له، حتى المبادئ الأخلاقية الإلهية تأتي في المرتبة الثانية.
“ما الذي يُشعرك بالخزي أكثر من التفكير في سلامتك فقط وأنت تملك القدرة على المساعدة؟ يا يوريتش! أنا صاحب عملك، وليس السيد فيليون. والآن، انظروا يا أخوة يوريتش! الجواهر اللامعة تنتظركم!”
صرخ باهيل وهو يطوّق المرتزقة على ظهر كايليوس. ردّ المرتزقة باصطدامهم بأسلحتهم ودروعهم.
“نعم يا سيدي الشاب!”
” إذن، كم ستدفع لنا، يا سيدي النبيل؟”
صرخ المرتزقة. أخرج باهيل كيسًا مليئًا باللؤلؤ من جيبه وألقاه إلى يوريتش.
“ه …”
بعد التأكد من اللآلئ الثمينة، صرخ يوريتش على مرتزقته. صرخ المرتزقة صيحات المعركة وهم يركضون خلف محاربي الشمس.
رشّ هارفالد البارود الأسود في نار المخيم مرارًا وتكرارًا، بينما كان البارود يحترق مُصدرًا صوت بوو! تفاعل البارود الأسود مع الحرارة مُكوّنًا ألسنة لهب ملونة ارتفعت للحظة وتمايلت بشكل جميل. ‘ماذا كان هذا؟’ اتسعت عينا يوريتش. بدا قلبه ينبض بقوة كما لو كان يعبر جبال السماء. لم يرَ شيئًا كهذا من قبل. “نسمي هذا مسحوق اللهب. يمكن لأي شخص القيام بذلك طالما لديه هذا المسحوق؛ فهو ليس سحرًا على الإطلاق.” قال هارفالد بهدوء، لكن المرتزقة لم يبدوا مقتنعين تمامًا. حتى باهيل، الذي كان أكثر دراية من أي شخص آخر هناك، لم يستطع سوى التحديق في المحارب بفكه المتجمد. “أعطني هذا، أريد أن أحاول.” كسر يوريتش الصمت وطلب البارود. أخذ حفنة من هارفالد وألقى بها في النار. ووش! كواه! اشتعلت النار. شعر يوريتش بحرارة الاحتراق فابتسم بنشوة. “ههه، أنا الساحر يا أولاد العاهرة!” قال يوريتش بانفعال شديد. أصبح شعر جبهته محترقًا بالنار، لكنه لم يكترث. ’قائدهم بربري مُعتنق’، فكّر هارفالد وهو ينظر إلى قلادة الشمس الخاصة بيوريتش. بدت أفعاله سخيفة للغاية. ” على أي حال، ما الذي دفعك للسفر مع مجموعة من المرتزقة يا سيدي فيليون؟ يبدو أن الجرح في يدك لا يزال حديثا…” “لا أستطيع أن أخبرك بذلك، حتى لمحارب الشمس.” كان فيليون حذرًا جدًا في اختيار مَن يتحدث إليه بشأن هدفهم، وقد احترم هارفالد ذلك وامتنع عن طرح أي أسئلة أخرى. ثم نظر المحارب حول المجموعة. “هؤلاء الرجال شماليون، ولم يعتنقوا الشمس بعد، كما أرى.” ركز هارفالد عينيه على الشماليين بعد أن ألقى نظرة خاطفة على المرتزقة المتجمعين. غمره شعورٌ بالمسؤولية، فتلا دعاءً قصيرًا ونهض من مقعده. “يا أهل ارض أمي، احبوا الشمس. حاكم الشمس ينتظر دائمًا عودة أبنائه الضالين إليه ” قال هارفالد لسفين. كلماته دفعت سفين أخيرًا إلى حافة الانهيار. زوو! التقط سفين فأسه ذي اليدين وسار نحو هارفالد. ارتجف المحارب وسحب سيفه. بدا وكأن القتال وشيك. “توقفا عن ذلك، كلاكما.” شعر هارفالد ببرودة مفاجئة على رقبته. وقبل أن يدري، تقدّم يوريتش من خلفه وضغط بشفرة فأسه على حلقه. “متى جاء خلفي وأخرج سلاحه؟” حاول هارفالد الرد بإخراج خنجر من خصره. بوو! أمسك يوريتش بيده بسرعة ومنعه من سحب خنجره. بدا هارفالد، الذي يجري في عروقه دم الشمال، رجلاً قوياً، لكنه لم يستطع الفرار من قبضة يوريتش. “ما اقوى هذه القبضة! أشعر وكأن أصابعي على وشك أن تنكسر.” بعد نزع سلاح هارفالد بالكامل، أدار يوريتش رأسه نحو سفين. “سفين، أنا قائد هذه الفرقة. هل تجرؤ على سحب سلاحك دون إذني؟ هل تريد الموت أيها العجوز؟” صرخ يوريتش. عبس سفين للحظة، ثم أومأ برأسه. “خطأي يا زعيم.” تراجع سفين دون أي ضجة لأنه يحترم سلطة يوريتش. ” وهارفالد. لا يهمني من أنت أو ما أنت عليه، ولا يهمني حتى كونك “محارب الشمس”. لا تُملِ على أخي ما يجب فعله. قد أكون من أتباع الشمس، لكن إن أهنت سفين مرة أخرى، فستكون أنت من سيموت. لا تتجاوز أي حدود هنا. طالما فعلت ذلك، سنكون جميعًا أصدقاء. ” أومأ هارفالد بسيفه، وفعل يوريتش الشيء نفسه. “يا له من تحكمٍ مُذهلٍ في رجاله. إنه بارعٌ بالفطرة،” فكّر فيليون في نفسه بارتياح. للحظة، انتابه القلق من أن يحدث خطأٌ ما. “أعتذر لزعيم المرتزقة يوريتش، وله أيضًا.” أبدى هارفالد اعتذاره لسفين، الذي اكتفى بإمالة رأسه لإظهار أدنى قدر من الاعتراف. خفّ التوتر، وعاد المرتزقة إلى مقاعدهم. ابتسم يوريتش وربت على كتف هارفالد. “حسنًا، أين كنا؟ يا أخي هارفالد، هل لديك المزيد من هذا المسحوق؟” سأل يوريتش وعيناه تلمعان. ناول هارفالد بقية المسحوق إلى يوريتش. على أي حال، لم يتبقَّ الكثير. “اعتقدت أنه مجرد رجل بسيط، لكن أعتقد أن هذا لم يكن كل شيء…” تمتم هارفالد وهو ينظر إلى ظهر يوريتش الذي كان أمام نار المخيم المشتعلة بشكل متكرر. * * * في اليوم الثاني، خرج المرتزقة من الغابة. وانتهت الغابة الكثيفة بسهل يؤدي إلى الطريق الرئيسي الكبير. “حاكم الشمال هو حاكم المحاربين الحقيقي ” قال سفين وهو يسير بجانب يوريتش. لم يكن سعيدًا جدًا بمرافقة محاربي الشمس لهم. “حسنًا، حسنًا، لقد فهمت، لذا استرخِ فقط، يا رجل عجوز.” ” حاكم الشمس لو لا يُحب المعارك والحروب. يُعامل المزارعين والمحاربين على قدم المساواة. لكن أولجارو، حاكم الشمال، لديه حقل مُجهز للمحاربين فقط. إذا كنتَ محاربًا، فعليك أن تُؤمن بأولجارو. لا شك في ذلك ” قال سفين وهو يُرشّ لعابه على لحيته. هزّ يوريتش كتفيه. “لكنني أؤمن بلو أيضًا.” “هذا لأنك لست شماليًا.” أدار سفين عينيه ونظر إلى يوريتش. تبادل الرجلان النظرات. “رجل من وراء الجبال.” لم يقل يوريتش ذلك بنفسه أبدًا، لكن سفين لديه فكرة عن المكان الذي أتى منه يوريتش.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات