You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode

أعزائنا القرّاء، يسرّنا إعلامكم بأن ملوك الروايات يوفر موقعًا مدفوعًا وخاليًا تمامًا من الإعلانات المزعجة، لتستمتعوا بتجربة قراءة مريحة وسلسة.

لزيارة الموقع، يُرجى النقر هنا.

هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 54

الفصل 54
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

الفصل 54 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

“هذا الوغد، أن دونوفان وأنا كنا في نفس الوحدة تحت قيادة الجنرال فيرزين ” قال أوبير وهو يمضغ فخذ الديك الرومي.
“هل تقصد شيطان السيف فيرزين؟” وبينما باهيل يتفاعل، ابتسم أوبير بفخر.
“نعم، هذا هو بالضبط! شيطان السيف فيرزين! ما زلت أعتبر قتالي تحت قيادة الجنرال فيرزين شرفًا لي. حينها، كنت مساعدًا في فوج المشاة السادس، و رئيسي المباشر وقائد فوج المشاة هو الكابتن لوموند، وكان رجلًا يعرف معنى الشرف أكثر من أي شخص آخر.”
باهيل ويوريتش يجلسان على نفس الطاولة مع أوبير، و فيليون بجانبهما أيضًا.
“… يوريتش، هل يمكنك على الأقل التظاهر بأنك تستمع إلى قصة أوبير؟ من الوقاحة تجاهل ما يقوله الشخص الذي دعاك. هذه هي طباع الرجال المتحضرين ” همس باهيل وهو يركل ساقي يوريتش برفق.
يوريتش، الذي كان منشغلاً بحشو فمه باللحم على الطاولة، رفع نظره. ثم نظّف أصابعه وابتسم لأوبير.
“هاه؟ همم، أجل، شرف! بالطبع! الرجال المتحضرون يعرفون شرفهم جيدًا، حقًا! ” أطلق يوريتش تعجبًا مبالغًا فيه. جعل هذا باهيل يضحك ضحكة خفيفة.
” همم. أنا سعيد لأنك تستمتع بوجبتك.”
وبينما أوبير يسعل، أعاد باهيل انتباهه إلى القصة مرة أخرى.
“هذا عشاءٌ رائع. سمعتُ قصصَ استعبادِ البرابرةِ المتبقين التي حدثت قبلَ عقدٍ من الزمانِ عدةَ مرات. كما شاركَ في تلك المعركةِ العديدُ من فرسانِ مملكتنا ” ردَّ باهيل بهدوء.
“كان الكابتن لوموند فارسًا شجاعًا. ما فعله ضد البرابرة…” توقف أوبير في منتصف الجملة لينظر إلى تعبيرات يوريتش.
“لا يهمني، تفضل. لقد اعتنقت الشمس على أي حال. أترى هذا؟ لحسن الحظ لو، حاكم الشمس، عاشت الشمس!” قال يوريتش وهو ينظف عظمة ديك رومي في فمه قبل أن يبصقها. يعلم أن قلادة الشمس لها مفعول السحر على الناس المتحضرين.
“تقدم الكابتن لوموند بشجاعة رغم فخاخ البرابرة، وحقق إنجازات مماثلة. ولكن في يوم من الأيام، حرض دونوفان الجاحد جنود الكابتن ضده وأقنعهم بمخالفة أوامره. نجح، وقُتل الكابتن لوموند بسيف دونوفان. كان لقيطًا جاحدًا قتل رئيسه.”
“لكن دونوفان لا يزال على قيد الحياة؛ لقد نجا فقط بتسريح غير مشرف.”
“كل ذلك بفضل كرم الجنرال فيرزين. لم يُرِد أن تُنفَّذ أي عمليات إعدام يوم الاحتفال بانتصارهم، لذا تمكّن من النجاة بحياته. كان يجب أن أُنفَّذ حكم الإعدام الفوري بقطع رأسه بدلًا من تقديمه للمحاكمة. لم أتخيل يومًا أن ألتقي به مجددًا، لكن رؤيته حيًا ومعافىً يُثير فيّ الغثيان ويجعلني أشعر بالرغبة في التقيؤ.” صر أوبير على أسنانه.
“ليست هذه هي القصة التي سمعتها. قال دونوفان إنك توسلت إليه أن يُبقيك على قيد الحياة، فتركك.” ضحك يوريتش، وانفجر أوبير غضبًا من كلماته.
“ما هذا الهراء يا قائد المرتزقة؟ هل تصدق هذا الرجل؟ أنا فارس من فرسان الإمبراطورية!”
“بالطبع، أصدقه أكثر مما أصدقك – نحن في فرقة المرتزقة نفسها. كان يصرّ على أسنانه ويقول إنه يجب أن يقتلك مع ذلك القائد. لم يكن ذلك القائد مشهورًا، أليس كذلك؟”
“لا تُذلني يا قائد المرتزقة يوريتش! سأتجاهل الأمر هذه المرة فقط بسبب الأمير.”
عاد أوبير إلى مقعده غاضبًا. بدا يوريتش يبتسم ابتسامة طفل، وعبس باهيل وركل ساقه مجددًا.
“أي حال، سمعتُ هذا الاسم مراتٍ عديدة. لا بد أن فيرزين مشهورٌ جدًا، أليس كذلك؟”
التفت الجميع في الغرفة برؤوسهم لينظروا إلى الرجل الذي قال للتو تلك الكلمات.
“كيف لا تعرف شيطان السيف فيرزين؟ حتى البرابرة يعرفونه – من أي منطقة بعيدة أنت أيها المرتزقة؟” قال أوبير وهو يرفع صوته. ينوي إحراج يوريتش بسؤاله، لكن يوريتش لم يبدُ عليه أي انزعاج.
“ليس من المُحرج أن تسأل عمّا لا تعرفه، وهناك الكثير مما لا أعرفه. لذا، علّمني كل شيء.”
شرب يوريتش النبيذ في كأسه البرونزي ورفعه ليطلب المزيد، وسرعان ما ملأ أحد الخدم الكأس.
” شيطان السيف فيرزين! قاتل في معركة التوحيد العظيم قبل أن يبلغ العشرين من عمره، وكان قائدًا طليعيًا في معركة الفتح العظيم، بل وقاتل في معركة إخضاع البرابرة المتبقين قبل عشر سنوات فقط. إنه فارس الفرسان، رجل عاش في ساحة المعركة لنصف قرن، وحمل سيفًا منذ ما قبل ميلادنا!”
“واو، كم عمره إذن؟” انبهر يوريتش. أسند مرفقه على الطاولة وذقنه على يده.
“إنه يبلغ من العمر اثنين وسبعين عامًا هذا العام.”
“إذن، أنت تقول أنه أقوى رجل في الحضارة بأكملها؟”
“لا أستطيع أن أقول ذلك على وجه اليقين، ولكن يمكنني أن أقول على وجه اليقين أنه الفارس الأكثر شهرة؛ لا أحد يقترب منه حتى، ولن يفعل أحد ذلك أبدًا ” أومأ أوبير برأسه على تعليقه.
نظر يوريتش إلى باهيل مع ارتعاش زوايا فمه.
“باهيل، هل يمكننا مقابلة هذا الرجل فيرزين عندما نصل إلى العاصمة؟”
“سنبقى في العاصمة لمدة شهرين على الأقل، لذا إذا كنا محظوظين، فلا أرى سببًا يمنعنا من ذلك.”
“هناك سبب آخر يدفعني للذهاب إلى هناك. هذا رائع ” ضحك يوريتش بصوت عالٍ وهو يصفع ركبته.
“هل يريد مجرد قائد مرتزق رؤية وجه الجنرال فيرزين؟ هاه، كما لو كان كذلك.”
أبقى أوبير ابتسامته لنفسه.
“الأمير فاركا يسمح لهذا البربري أن يعامله بلا احترام. فهو في النهاية مجرد فرد من ملوك مملكة صغيرة.”
كانت الممالك السبع التابعة تضعف شيئًا فشيئًا، بينما قوة الإمبراطورية تزداد يومًا بعد يوم. أصبح كبار نبلاء الإمبراطورية يتمتعون بسلطة تعادل سلطة العائلة المالكة. أصبح استقلال الممالك مستبعدًا.
“أن تُنفى من مملكتك بسبب عمك الذي يبحث عنك ويطلب اللجوء من الإمبراطورية. أتعاطف معه، لكن في الوقت نفسه، الأمر مؤسف بعض الشيء.”
حدّق أوبير في باهيل للحظة، ثم أدار بصره عنه. حتى لو من مملكة صغيرة، يبقى الملك ملكًا. لن ينفعه شيءٌ من عدم رضاهم عنه.
“لقد أرسلت رسولًا إلى الإمبراطورية، لذا سيكون هناك حراسة لك.”
“شكرا لك، السيد أوبير.”
“آمل أن تتذكر مجاملاتي عندما تصل إلى العاصمة ” قال أوبير مبتسما.
“سأنشر كلمة لطفك، يا سيدي أوبير.”
باهيل يعلم تمامًا ما يطلبه أوبير. أراد أن ينشر اسمه بين أصحاب النفوذ في عاصمة الإمبراطورية.
“قد لا يكون أوبير الرجل الذي أستمتع بصحبته، لكنه على الأقل يظهر لطفه معي.”
لا ينبغي لأحد أن يُسيء معاملة أحد لمجرد أنه لا يُحبه. باهيل يتعلم السلوكيات ببطء.
ذكّر باهيل نفسه قائلاً: “لا تتخذ أي قرارات متهورة، يا فاركا أنيو بوركانا”.
“لا أستطيع أن أكسب احترامي بالوقوف في ساحات القتال كعمي وأبي. لقد ولّت تلك الأيام، وحتى لو لم تكن كذلك، فأنا لا أملك موهبة القتال. يجب أن أصبح قويًا في السياسة.”
بذل باهيل قصارى جهده لإخفاء مشاعره. لم يعد يتفاعل مع كل شيء بنفس الانفعالية التي اعتاد عليها.
“فكر مرتين قبل أن تتكلم.”
أثمرت جهود باهيل. أصبح أوبير يُفصح عن كل ما يدور في ذهنه لباهيل.
” لو لم يفعل دونوفان ما فعله آنذاك… لكنتُ انضممتُ إلى الكابتن لوموند في منظمة الفولاذ الإمبراطوري. كان الكابتن لوموند مولعًا بي. ذلك دونوفان اللعين.”
بدا وكأن الكحول بدأ يؤثر على أوبير، إذ بدأ يتفوه ببعض الكلمات غير اللائقة. صفّى باهيل حلقه.
“إهم، هممم.”
“آه، اعتذاري، الأمير فاركا، مشاعري مرتفعة.”
“أفهم ذلك، يا سيدي أوبير.”
“الأمير فاركا، أنت ناضجٌ جدًا بالنسبة لعمرك. النبلاء والملوك الشباب هذه الأيام… متغطرسون وغير ناضجين؛ ربما لأنهم لم يخوضوا حربًا قط. هؤلاء الشباب الذين لم يقتلوا رجلًا بسيفهم… يتصرفون كما لو أن إنجازات آبائهم وأجدادهم ملكٌ لهم.”
قال أوبير كل ما كان يجول في خاطره. ارتجف باهيل، لأنه حتى وقت قريب لم يكن استثناءً بين الشباب الذين تحدث عنهم أوبير.

دخل أحدهم غرفة الطعام. باتشمان، و يبحث عن يوريتش.
“إيه؟ باتشمان؟ هل ترغب بالانضمام إلينا وتناول الطعام؟”
عرض يوريتش ذلك بابتسامة، لكن باتشمان هز رأسه بنظرة شاحبة.
“يوريتش، دونوفان تعرض لهجوم. لا بد أنه تعرض لكمين أثناء مغادرته منطقة الضوء الأحمر. ما زال على قيد الحياة، لكنه لن يتمكن من الحركة لفترة ” قال باتشمان بحذر.
بوو!
انهارت مساند ذراعي الكرسي الذي يجلس عليه يوريتش بين يديه. تساقطت شظاياها من قبضته. صُدم رواد غرفة الطعام، فالكرسي لم يكن رخيصًا، وما ينبغي أن ينكسر بهذه السهولة. بدا هذا دليلًا واضحًا على قوة يوريتش المرعبة.
“همم، صحيح؟ هل تعرض دونوفان لضرب مبرح؟ لهذا السبب طلبت منكم الحذر.” قال يوريتش بصوت خافت وهو يحاول إخفاء غضبه.
“يا إلهي، هناك الكثير من المتشردين في هذا الحي – عليك الحذر يا قائد المرتزقة يوريتش. أولئك الذين لا تُعرف هويتهم يتربصون خارج البوابات،” قال أوبير وهو يرتشف نبيذه كما لو كان في نخب. حدق به يوريتش.
” …حقًا؟ شكرًا على النصيحة يا قائد البوابات. لو مجرد متشردين، أفترض أنك لن تمانع في ضربهم ضربًا مبرحًا، أليس كذلك؟”
“بالطبع لا.”
أومأ أوبير وهو يمسح زوايا فمه. نهض يوريتش بابتسامة باردة.
“تذكّر ما قلته يا سيد أوبير. لقد وقعت حادثة مع فرقة المرتزقة، لذا عليك أن تعذرني.”
خرج يوريتش من الغرفة بينما يرمي قطع الكرسي التي كسرها من راحة يديه.
لم يبقَ في غرفة الطعام سوى باهيل وفيليون وأوبير. واصل الخدم تقديم المشروبات والماء لهم.
“الأمير فاركا، يبدو أنك تحافظ على علاقة وثيقة مع ذلك البربري.”
“هل هناك خطأ في ذلك يا سيد أوبير؟ أعتقد أن الإمبراطورية نفسها تطبق سياسة إدماج البرابرة بقوة.”
أصبح هناك حدة مفاجئة في نبرة باهيل.
“من المحتمل أن أوبير هو الشخص الذي أمر بالهجوم على دونوفان.”
في ظل هذه الظروف، لم يكن هناك من يفعل ذلك سوى أوبير. من الصعب تصديق أن دونوفان مجرد ضحية عاثرة لسرقة عادية، لأن كل ما قاله أوبير ليس في محله.
“لم يعجبني دونوفان أبدًا ولكن… هذا لا يجعلني أشعر بالارتياح.”
لا يزال باهيل يتذكر تهديدات دونوفان، مثل وضع سكين على لسانه وتهديده بقطعه. ومع ذلك، ظل دونوفان أحد المرتزقة الذين قاتلوا من أجله. ورغم أن ذلك كان من أجل المكافأة، إلا أنه قاتل بشجاعة.
“لا بأس في ذلك، لكن الشباب مثلك، أيها الأمير فاركا، يميلون إلى الاحتفاظ بالبرابرة حولهم دون معرفة كل شيء عنهم. يُطلق عليهم هذا الاسم لعدم تعليمهم. ما لم يكن البربري من حولك محاربًا شمسيًا، أنصحك بالتخلص من هذا المرتزق البربري في أسرع وقت ممكن قبل المضي قدمًا.”
ضاقت عينا باهيل عند سماع كلمات أوبير.
“شكرًا لك على نصيحتك، السيد أوبير.”
انتهى العشاء. نهض باهيل وفيليون من مقعديهما وغادرا الغرفة.
“لم يعجبني هذا الرجل ” قال باهيل لفيليون بعد خروجه إلى الردهة.
“أحسنت يا صاحب السمو. أن تحافظ على رباطة جأشك أمام شخص لا يعجبك أمرٌ رائع.”
أصبح فيليون فخورًا بباهيل. ورغم أن الأمير خالف نصيحته عندما أنقذ المزارعين، إلا أنه فعل ذلك بتقديره الشخصي. وهذه المرة، نجح في إخفاء مشاعره السلبية أمام رجلٍ لم يكن يُحبّه بوضوح.
“يا له من تغيير جذري طرأ عليه خلال شهرين منذ مغادرته المملكة… لقد نشأ في المملكة بطريقة خاطئة. الأمير فاركا ملكٌ بحق.”
توقف باهيل بينما هو في طريقه إلى الغرفة التي رتبها له أوبير.
“سيد فيليون، أريدك أن تنضم إلى المرتزقة وتراقب يوريتش. تأكد من عدم ارتكابه أي حماقة. أعلم أن يوريتش سيفكر في مصلحتي، لكنه في النهاية لا يزال شابًا في مثل عمري. قد يدع عواطفه تسيطر عليه ويرتكب خطأً. أريدك أن تتأكد من عدم حدوث ذلك.”
لقد وصل مستوى تفكير باهيل إلى هذا الحد. الآن، لم يعد يفكر في نفسه فحسب، بل كان يفكر أيضًا في الناس والظروف المحيطة به.
“سوف أتبع أوامرك.”
أومأ فيليون بخفة. ترك الحراس مسؤولين عن حراسة باهيل، وانضمّ إلى المرتزقة.
دخل باهيل غرفته، وتناوب الحراس على مراقبته. كانوا فرسانًا مخلصين.
“يجب علي أن أفعل جيدا.”
فكّر باهيل وهو مستلقٍ على سريره. عضّ إبهامه برفق بينما أشرق القمر المائل برقة على غرفته. أشرقت عينا باهيل الزرقاوان وهما تمتصان ضوء القمر.
“حتى الآن، قام فرساني ومرتزقتي بعمل جيد حقًا، ويستحقون المال.”
كان باهيل ممتنًا للغاية، ليس فقط لفرسانه، بل أيضًا للمرتزقة. كان يحتقر المرتزقة في السابق، لكن كل تلك المشاعر السلبية تلاشت.
“من الآن فصاعدًا، ستكون السياسة هي السائدة، لا السيوف. الحصول على مساعدة الإمبراطورية أمرٌ متروكٌ لي؛ عليّ أن أراقب كل كلمة أقولها وكل حركة أقوم بها. لا يمكنني أن أكون الشخص الذي يضيع كل الدماء التي أراقها الفرسان والمرتزقة.”
أغمض باهيل عينيه.
“لو كانت أختي داميا هنا معي الآن.”
فكّر في أخته التوأم. مع أنهما توأمان، باهيل ينظر إلى داميا دائمًا وكأنها أكبر منه بسنوات.
“أختي الجميلة. بدم ملكي يسري في عروقها، يمنحها شعرًا ذهبيًا وعيونًا زرقاء صافية… أختي.”
غلب باهيل النوم بسرعة وعقله يسابق الزمن حتى تلك اللحظة. لم يكن في الغرفة سوى صوت أنفاسه الهادئة.

دخل أحدهم غرفة الطعام. باتشمان، و يبحث عن يوريتش. “إيه؟ باتشمان؟ هل ترغب بالانضمام إلينا وتناول الطعام؟” عرض يوريتش ذلك بابتسامة، لكن باتشمان هز رأسه بنظرة شاحبة. “يوريتش، دونوفان تعرض لهجوم. لا بد أنه تعرض لكمين أثناء مغادرته منطقة الضوء الأحمر. ما زال على قيد الحياة، لكنه لن يتمكن من الحركة لفترة ” قال باتشمان بحذر. بوو! انهارت مساند ذراعي الكرسي الذي يجلس عليه يوريتش بين يديه. تساقطت شظاياها من قبضته. صُدم رواد غرفة الطعام، فالكرسي لم يكن رخيصًا، وما ينبغي أن ينكسر بهذه السهولة. بدا هذا دليلًا واضحًا على قوة يوريتش المرعبة. “همم، صحيح؟ هل تعرض دونوفان لضرب مبرح؟ لهذا السبب طلبت منكم الحذر.” قال يوريتش بصوت خافت وهو يحاول إخفاء غضبه. “يا إلهي، هناك الكثير من المتشردين في هذا الحي – عليك الحذر يا قائد المرتزقة يوريتش. أولئك الذين لا تُعرف هويتهم يتربصون خارج البوابات،” قال أوبير وهو يرتشف نبيذه كما لو كان في نخب. حدق به يوريتش. ” …حقًا؟ شكرًا على النصيحة يا قائد البوابات. لو مجرد متشردين، أفترض أنك لن تمانع في ضربهم ضربًا مبرحًا، أليس كذلك؟” “بالطبع لا.” أومأ أوبير وهو يمسح زوايا فمه. نهض يوريتش بابتسامة باردة. “تذكّر ما قلته يا سيد أوبير. لقد وقعت حادثة مع فرقة المرتزقة، لذا عليك أن تعذرني.” خرج يوريتش من الغرفة بينما يرمي قطع الكرسي التي كسرها من راحة يديه. لم يبقَ في غرفة الطعام سوى باهيل وفيليون وأوبير. واصل الخدم تقديم المشروبات والماء لهم. “الأمير فاركا، يبدو أنك تحافظ على علاقة وثيقة مع ذلك البربري.” “هل هناك خطأ في ذلك يا سيد أوبير؟ أعتقد أن الإمبراطورية نفسها تطبق سياسة إدماج البرابرة بقوة.” أصبح هناك حدة مفاجئة في نبرة باهيل. “من المحتمل أن أوبير هو الشخص الذي أمر بالهجوم على دونوفان.” في ظل هذه الظروف، لم يكن هناك من يفعل ذلك سوى أوبير. من الصعب تصديق أن دونوفان مجرد ضحية عاثرة لسرقة عادية، لأن كل ما قاله أوبير ليس في محله. “لم يعجبني دونوفان أبدًا ولكن… هذا لا يجعلني أشعر بالارتياح.” لا يزال باهيل يتذكر تهديدات دونوفان، مثل وضع سكين على لسانه وتهديده بقطعه. ومع ذلك، ظل دونوفان أحد المرتزقة الذين قاتلوا من أجله. ورغم أن ذلك كان من أجل المكافأة، إلا أنه قاتل بشجاعة. “لا بأس في ذلك، لكن الشباب مثلك، أيها الأمير فاركا، يميلون إلى الاحتفاظ بالبرابرة حولهم دون معرفة كل شيء عنهم. يُطلق عليهم هذا الاسم لعدم تعليمهم. ما لم يكن البربري من حولك محاربًا شمسيًا، أنصحك بالتخلص من هذا المرتزق البربري في أسرع وقت ممكن قبل المضي قدمًا.” ضاقت عينا باهيل عند سماع كلمات أوبير. “شكرًا لك على نصيحتك، السيد أوبير.” انتهى العشاء. نهض باهيل وفيليون من مقعديهما وغادرا الغرفة. “لم يعجبني هذا الرجل ” قال باهيل لفيليون بعد خروجه إلى الردهة. “أحسنت يا صاحب السمو. أن تحافظ على رباطة جأشك أمام شخص لا يعجبك أمرٌ رائع.” أصبح فيليون فخورًا بباهيل. ورغم أن الأمير خالف نصيحته عندما أنقذ المزارعين، إلا أنه فعل ذلك بتقديره الشخصي. وهذه المرة، نجح في إخفاء مشاعره السلبية أمام رجلٍ لم يكن يُحبّه بوضوح. “يا له من تغيير جذري طرأ عليه خلال شهرين منذ مغادرته المملكة… لقد نشأ في المملكة بطريقة خاطئة. الأمير فاركا ملكٌ بحق.” توقف باهيل بينما هو في طريقه إلى الغرفة التي رتبها له أوبير. “سيد فيليون، أريدك أن تنضم إلى المرتزقة وتراقب يوريتش. تأكد من عدم ارتكابه أي حماقة. أعلم أن يوريتش سيفكر في مصلحتي، لكنه في النهاية لا يزال شابًا في مثل عمري. قد يدع عواطفه تسيطر عليه ويرتكب خطأً. أريدك أن تتأكد من عدم حدوث ذلك.” لقد وصل مستوى تفكير باهيل إلى هذا الحد. الآن، لم يعد يفكر في نفسه فحسب، بل كان يفكر أيضًا في الناس والظروف المحيطة به. “سوف أتبع أوامرك.” أومأ فيليون بخفة. ترك الحراس مسؤولين عن حراسة باهيل، وانضمّ إلى المرتزقة. دخل باهيل غرفته، وتناوب الحراس على مراقبته. كانوا فرسانًا مخلصين. “يجب علي أن أفعل جيدا.” فكّر باهيل وهو مستلقٍ على سريره. عضّ إبهامه برفق بينما أشرق القمر المائل برقة على غرفته. أشرقت عينا باهيل الزرقاوان وهما تمتصان ضوء القمر. “حتى الآن، قام فرساني ومرتزقتي بعمل جيد حقًا، ويستحقون المال.” كان باهيل ممتنًا للغاية، ليس فقط لفرسانه، بل أيضًا للمرتزقة. كان يحتقر المرتزقة في السابق، لكن كل تلك المشاعر السلبية تلاشت. “من الآن فصاعدًا، ستكون السياسة هي السائدة، لا السيوف. الحصول على مساعدة الإمبراطورية أمرٌ متروكٌ لي؛ عليّ أن أراقب كل كلمة أقولها وكل حركة أقوم بها. لا يمكنني أن أكون الشخص الذي يضيع كل الدماء التي أراقها الفرسان والمرتزقة.” أغمض باهيل عينيه. “لو كانت أختي داميا هنا معي الآن.” فكّر في أخته التوأم. مع أنهما توأمان، باهيل ينظر إلى داميا دائمًا وكأنها أكبر منه بسنوات. “أختي الجميلة. بدم ملكي يسري في عروقها، يمنحها شعرًا ذهبيًا وعيونًا زرقاء صافية… أختي.” غلب باهيل النوم بسرعة وعقله يسابق الزمن حتى تلك اللحظة. لم يكن في الغرفة سوى صوت أنفاسه الهادئة.

الفصل 54 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اترك تعليقاً

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

تم كشف مانع اعلانات

للتخلص من جميع الاعلانات، نقدم لك موقعنا المدفوع kolnovel.com

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط