You dont have javascript enabled! Please enable it!
Switch Mode

أعزائنا القرّاء، يسرّنا إعلامكم بأن ملوك الروايات يوفر موقعًا مدفوعًا وخاليًا تمامًا من الإعلانات المزعجة، لتستمتعوا بتجربة قراءة مريحة وسلسة.

لزيارة الموقع، يُرجى النقر هنا.

هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

سعي بربري 88

الفصل 88
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
وصل باهيل وفيليون إلى مقدمة المعسكر. كان الجنود يملؤهم التكهنات.
“هل تم التأكد من هوياتهم؟” أمسك فيليون بجندي وسأله.
“نحن نتحقق منهم الآن.”
راقب جنديٌّ ثاقب البصر الجدار. هناك ثلاثة سجناء مُعلّقين على أعمدة جدران القلعة، لكن وجوههم مُدمّاة، وبالكاد يُمكن التعرّف عليهم.
“يوريتش ليس هناك.”
تنفس باهيل بعد أن حدق في الحائط.
يعلم أن يوريتش لم يكن بين الجنود الأسرى دون أن يرى وجوههم. كان ضخم الجسد. بين الجنود المعلقين على الحائط، لم يكن أحدٌ ضخم الجسد كيوريتش.
أدرك فيليون أيضًا أن يوريتش لم يكن موجودًا. مسح العرق عن جبينه بارتياح بعد أن رأى باهيل قد هدأ.
“أشعر بالأسف لتفكيري بهذا الأمر، وهؤلاء الجنود في حالة يرثى لها، لكن لحسن الحظ أن يوريتش ليس بينهم. كان ذلك ليُعرّض مهمتنا بأكملها للخطر.”
بدا أن الجنود الأسرى على الجدار قد تعرضوا لتعذيب شديد. مصيرهم الموت على أي حال.
“الدوق هارماتي هو الملك الحقيقي لبوركانا، وهو النبيل الذي سيُقوّيها!” صرخ سجين مُقيّد ببوابة المدينة. بدا صوته مُرتجفًا.
“الأمير فاركا الضعيف والهزيل لن يُظلم مستقبل بوركانا إلا! سيتجاهل بالتأكيد أنين وصراخ شعبه بينما يُغذي بطن الإمبراطورية!”
قال سجين آخر كلماتٍ مسمومة عن باهيل. أصبح السجناء في حالةٍ غريبة من شدة التعذيب.
“هراء، هذا هراء.”
زفر الجنود. لقد انقلبت الأمور رأسًا على عقب بحيث لم يعد هذا التحريض مجديًا.
“اذهب واحضر راميًا. لنُخرجهم من بؤسهم.”
بدا مصير الجنود الأسرى واضحًا. فعلى عكس النبلاء، لم يكن لديهم من يدفع فديةً. فكان الموت السريع خيارهم الأمثل.
زوو!
تقدم جنديٌّ معروفٌ بمهارته في الرماية. يحمل قوسًا طويلًا بذراعيه القويتين. سحب وتر القوس بعيدًا إلى الخلف، مُصوّبًا بحذر.
بوو!
بعد بضع محاولات فاشلة، وصلت السهام أخيرًا إلى الجدار. فخفّ ألم الجنود الأسرى المربوطين بالأعمدة.
“من فضلك ارحمني يا لو.”
تمتم الرامي وهو يضع قوسه. أمسك بقلادته الشمس وطلب العفو من لو. مع أن الأمر كان حتميًا، إلا أنه قتل رفاقه.
“سيكون يوريتش على قيد الحياة ” اقترب فيليون من باهيل وقال له.
“وماذا لو مات بالفعل؟” تحدث باهيل بسخرية، وهو ينظر إلى السجناء الموتى. بدأ يلوم نفسه على موت رجاله.
“شعرتُ بالارتياح لعدم رؤية يوريتش بينهم. مع أن هؤلاء الرجال قاتلوا من أجلي وأُسروا… إلا أنني كنتُ سعيدًا لأن يوريتش لم يُقبض عليه.”
لو السجناء يعرفون أفكار باهيل، لكانوا قد أمطروه بكل أنواع اللعنات.
“التفكير السلبي لن يُجدي نفعًا. الحصار مُحكم. هارماتي لن يصمد طويلًا. هذه العملية ستزيد من الاضطرابات داخل القلعة.”
أجبر باهيل نفسه على الإيماء.
“سأصبح ملكًا. حتى لو مات يوريتش في هذه العملية، يجب أن أواصل طريقي.”
أصبح يعبث بقلادته الشمس، يفكر في من ضحوا بحياتهم من أجله. ترك ذلك مرارة في فمه.
“ابقى على قيد الحياة، يوريتش.”
لم يكن يتمنى شيئًا آخر. رفع باهيل عينيه الزرقاوين، ونظر إلى جدران القلعة.
* * *
بوو!
استيقظ يوريتش على صوت طيور النورس. صرّ جسده وصرخ احتجاجًا، بعد أن نام في الشق الضيق.

طرقت باب الغرفة. واجبها جمع غسيل النبلاء. “تفضلي بالدخول.” رد صوت لطيف. ‘سيدة جميلة جدًا. أتساءل ما هي مكانتها.’ كخادمة متواضعة، لم تكن تعرف رتب النبلاء الذين يأتون ضيوفًا هنا. هي تؤدي عملها فحسب. ” همم، لاحظتُ أن الوجبات سيئة جدًا مؤخرًا. من الصعب العثور على الفواكه واللحوم.” في الغرفة، جلست سيدة شقراء على كرسيها. عيناها صافيتان زرقاوتان، جمالٌ يلفت الأنظار. “هذا لأن…” ترددت الخادمة. “أعرف الوضع. لا ألومك.” قدمت السيدة قطعة خبز مخبوزة جيدًا. اتسعت عينا الخادمة. “هل هذا من أجلي؟” “همم، هل ترفضين لطفي؟” “لا، لا! شكرًا لكِ سيدتي!” أخذت الخادمة الخبز بسرعة وأخفته في سلة الغسيل. بدا لعابها يسيل بالفعل. انحنت السيدة إلى الأمام، ونظرت إلى الخادمة. ” أنتِ قبيحةٌ حقًا. لكن لو كنتِ أجمل، لما كنتِ تحملين الغسيل في سنكِ، حيثُ يُفترض أن يكون لديكِ طفلٌ الآن.” قالت السيدة ساخرة. أومأت الخادمة بهدوء. تعلم أنها غير جذابة. لو كانت جميلة، لربما أصبحت محظية أحد النبلاء. لم يعد لديها كبرياء لتجرحها مثل هذه التعليقات القاسية. “في الواقع، أنت على حق تمامًا، شكرًا لك سيدتي ” تحدثت بأدب وغادرت بالغسيل. “لابد أن الأمور سيئة جدًا.” تمتمت السيدة في نفسها بعد مغادرة الخادمة. لقد أصبحت معزولة عن أخبار الخارج. لم يُكلف الدوق هارماتي نفسه عناء إبلاغها بتدهور الوضع. “لم يزرني الدوق هارماتي منذ عودته. لا بد أنه يخجل من مواجهتي.”

حرك يوريتش جسده المتيبس، فتشققت القذارة المتصلبة وتساقطت كالصدفة. ثم كشط ما تبقى منها بقوة بأظافره.
بوو!
تبرز طيور النورس فوق رأس يوريتش، تاركة وراءها أثرًا من البراز الأبيض على رأس يوريتش.
” اللعنة اللعنة ” صرخ يوريتش كما لو يحاول اصطياد طيور النورس.
“يجب أن تكون الظهيرة.”
قدّر يوريتش الوقت بالنظر إلى موقع الشمس في السماء. مسح محيطه بنظرة واضحة.
“أستطيع أن أتسلق المنحدرات المتصلة بجدران القلعة وأشق طريقي إلى القلعة الداخلية.”
قيّم يوريتش حالته الصحية. القذارة قد حجبت عنه نسيم البحر الليلي، وحمن جلده من هبوب المحيط العاصف.
“المشكلة الوحيدة هي الحكة التي لا تطاق.”
بدا يوريتش يخدش جسده بالكامل. إن لم يغتسل جيدًا فور انتهاء كل هذا، فمن المؤكد أنه سيصاب بمرض من الفضلات.

 

قام يوريتش بثني ومدّ أصابعه. بعد راحة جيدة، استعادت قبضته قوتها.
“أستطيع تسلق هذا.”
حدّق يوريتش في الجرف المؤدي إلى الجدار الداخلي. من موقعه الحالي، عليه أن يصعد إلى نفس الارتفاع الذي صعده الليلة الماضية. بدا موقع القلعة استراتيجيًا. حتى مع اختراق الجدار الخارجي، بدا اختراق الجدار الداخلي المرتفع صعبًا.
“لا عجب أن الجيش الإمبراطوري تردد في الهجوم. من المنطقي أن يلجأ إلى الحصار.”
فحص يوريتش المعدات التي بحوزته. هناك فأسان فولاذيان معلقان بإحكام على خصره.
“هذه كل ما أحتاجه لأخذ رأس رجل.”
انتظر يوريتش حلول الليل وهو يتسلق الجرف شيئًا فشيئًا. أكل بيض الطيور الذي وجده في الأعشاش المنتشرة في أرجاء الجرف ليستعيد قوته بينما يستريح ويتحرك بين الحين والآخر. بدت طريقة مملة للغاية لقضاء نصف يومه.
لو للأمير مئة محارب مثل يوريتش، لسقطت قلعة هارماتي منذ زمن بعيد. مع اقتراب الغسق، وصل يوريتش إلى نقطة تمكنه من رؤية نوافذ الجدار الداخلي.
لم يكن الجزء الأخير من الجرف خلف الجدار الداخلي شديد الانحدار فحسب، بل زاويته أقل من عمودية. لم يكن من المنطقي أن يتمكن إنسان من تسلقه. الأمر أشبه بتسلق سقف رأسًا على عقب. حتى قائد حرس المدينة لم يتوقع أن يتسلق عدو من هذا الاتجاه.
“هذا وحشي. أشعر وكأنني سأموت.”
ارتجفت أصابع يوريتش، وشعر وكأن عضلات ذراعه على وشك الانفجار من الجهد المستمر.
“هذا ليس شيئًا ينبغي على الإنسان فعله. لن أفعله مرة أخرى أبدًا.”
بعد أن وصل إلى الأرض المنبسطة، فرك يوريتش ذراعيه. لقد تسلق الجرف الشاهق، ونجا بأعجوبة من الموت عدة مرات.
“همم، لا يوجد حراس هنا.”
بدا الجزء الخلفي من السور الداخلي بلا حراسة. وبدلًا من وجود دفاع، وُجدت حديقة مُعتنى بها جيدًا، ربما ليتنزه فيها النبلاء.
“المنظر المفتوح جميلٌ حقًا. أستطيع أن أتخيل مدى استمتاعهم بالمنظر من هذه الحديقة.”
استلقى يوريتش ونظر إلى الأفق. غابت الشمس تحت البحر.
“نهاية العالم التي ستبتلع الشمس. لكن البعض يؤمن بوجود قارة أبعد من ذلك.”

قام يوريتش بثني ومدّ أصابعه. بعد راحة جيدة، استعادت قبضته قوتها. “أستطيع تسلق هذا.” حدّق يوريتش في الجرف المؤدي إلى الجدار الداخلي. من موقعه الحالي، عليه أن يصعد إلى نفس الارتفاع الذي صعده الليلة الماضية. بدا موقع القلعة استراتيجيًا. حتى مع اختراق الجدار الخارجي، بدا اختراق الجدار الداخلي المرتفع صعبًا. “لا عجب أن الجيش الإمبراطوري تردد في الهجوم. من المنطقي أن يلجأ إلى الحصار.” فحص يوريتش المعدات التي بحوزته. هناك فأسان فولاذيان معلقان بإحكام على خصره. “هذه كل ما أحتاجه لأخذ رأس رجل.” انتظر يوريتش حلول الليل وهو يتسلق الجرف شيئًا فشيئًا. أكل بيض الطيور الذي وجده في الأعشاش المنتشرة في أرجاء الجرف ليستعيد قوته بينما يستريح ويتحرك بين الحين والآخر. بدت طريقة مملة للغاية لقضاء نصف يومه. لو للأمير مئة محارب مثل يوريتش، لسقطت قلعة هارماتي منذ زمن بعيد. مع اقتراب الغسق، وصل يوريتش إلى نقطة تمكنه من رؤية نوافذ الجدار الداخلي. لم يكن الجزء الأخير من الجرف خلف الجدار الداخلي شديد الانحدار فحسب، بل زاويته أقل من عمودية. لم يكن من المنطقي أن يتمكن إنسان من تسلقه. الأمر أشبه بتسلق سقف رأسًا على عقب. حتى قائد حرس المدينة لم يتوقع أن يتسلق عدو من هذا الاتجاه. “هذا وحشي. أشعر وكأنني سأموت.” ارتجفت أصابع يوريتش، وشعر وكأن عضلات ذراعه على وشك الانفجار من الجهد المستمر. “هذا ليس شيئًا ينبغي على الإنسان فعله. لن أفعله مرة أخرى أبدًا.” بعد أن وصل إلى الأرض المنبسطة، فرك يوريتش ذراعيه. لقد تسلق الجرف الشاهق، ونجا بأعجوبة من الموت عدة مرات. “همم، لا يوجد حراس هنا.” بدا الجزء الخلفي من السور الداخلي بلا حراسة. وبدلًا من وجود دفاع، وُجدت حديقة مُعتنى بها جيدًا، ربما ليتنزه فيها النبلاء. “المنظر المفتوح جميلٌ حقًا. أستطيع أن أتخيل مدى استمتاعهم بالمنظر من هذه الحديقة.” استلقى يوريتش ونظر إلى الأفق. غابت الشمس تحت البحر. “نهاية العالم التي ستبتلع الشمس. لكن البعض يؤمن بوجود قارة أبعد من ذلك.”

ضغط يوريتش على قبضته ونقر بخفة على قلبه.
“تمامًا كما عبرت جبال السماء، سيعبر باهيل نهاية العالم للعثور على القارة الشرقية.”
بعد أن استعاد أنفاسه، لاحظ يوريتش الحديقة خلف السور الداخلي. بدا الباب الخلفي المؤدي إلى الداخل واضحًا للعيان. رأى الناس يمرون من النوافذ بين الحين والآخر. من داخل القلعة، لم يُلاحظ يوريتش المختبئ في الحديقة.
“انظر إلى هذا المنحدر، فلا عجب أنهم لا يملكون أي حراس متمركزين هنا.””
ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى الجرف الذي تسلقه. أصبح فخورًا بنفسه جدًا.
بعد غروب الشمس، ازدادت رائحة الزهور قوة. داس يوريتش الحديقة بخطوات ثقيلة ليدخل القلعة الداخلية، وكل خطوة منها تُسبب ذبول الزهور. طغت الرائحة الكريهة ورائحة الدم القوية على رائحة الزهور.
* * *
بدا الجو داخل القلعة الداخلية كئيبًا. مرّ أكثر من شهر على انقطاع التواصل مع العالم الخارجي. بدأت المؤن التي خزّنوها مسبقًا بالتناقص. و حصص السكان ذوي الرتب الأدنى أول ما يُقطع.
“آه، أنا جائعة.”
خادمة تحمل الغسيل، لمست معدتها الجائعة. أخرجت قطعة خبز من جيبها وقضمتها ببطء، محاولةً التلذذ بها لأطول فترة ممكنة. الخدم أمثالها في القلعة الداخلية محظوظين حتى ببقايا طعام النبلاء.
“سمعت أن الناس في القلعة الخارجية يقتلون بعضهم البعض من أجل رغيف الخبز… على الأقل الوضع هنا في القلعة الداخلية ليس سيئًا إلى هذا الحد.”
بسبب الحصار، أصبح سكان المناطق الواقعة داخل أسوار المدينة الخارجية يموتون جوعًا. لم تُتح لهم حتى فرصة نقل محصول هذا العام إلى داخل أسوار المدينة. أصبح الناس يتضورون جوعًا، حتى مع وجود أكوام الحبوب في حقولهم خلف أسوارهم مباشرة.
حتى الخدم، الذين كانوا عادةً غافلين عن السياسة، كانوا يعلمون أن الوضع الراهن كارثي. أصبح النبلاء يرتعدون قلقًا، و شائعات جديدة مشؤومة تصل إلى مسامعهم كل يوم.
“ومن يهتم إن تغير الملك؟ هذا لا يغير شيئًا في حياتي.”
تغيّر وجه الخادمة. ذابت قطعة الخبز التي تأكلها تمامًا في فمها، لكنها ما زالت جائعة كما قبل.

ضغط يوريتش على قبضته ونقر بخفة على قلبه. “تمامًا كما عبرت جبال السماء، سيعبر باهيل نهاية العالم للعثور على القارة الشرقية.” بعد أن استعاد أنفاسه، لاحظ يوريتش الحديقة خلف السور الداخلي. بدا الباب الخلفي المؤدي إلى الداخل واضحًا للعيان. رأى الناس يمرون من النوافذ بين الحين والآخر. من داخل القلعة، لم يُلاحظ يوريتش المختبئ في الحديقة. “انظر إلى هذا المنحدر، فلا عجب أنهم لا يملكون أي حراس متمركزين هنا.”” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى الجرف الذي تسلقه. أصبح فخورًا بنفسه جدًا. بعد غروب الشمس، ازدادت رائحة الزهور قوة. داس يوريتش الحديقة بخطوات ثقيلة ليدخل القلعة الداخلية، وكل خطوة منها تُسبب ذبول الزهور. طغت الرائحة الكريهة ورائحة الدم القوية على رائحة الزهور. * * * بدا الجو داخل القلعة الداخلية كئيبًا. مرّ أكثر من شهر على انقطاع التواصل مع العالم الخارجي. بدأت المؤن التي خزّنوها مسبقًا بالتناقص. و حصص السكان ذوي الرتب الأدنى أول ما يُقطع. “آه، أنا جائعة.” خادمة تحمل الغسيل، لمست معدتها الجائعة. أخرجت قطعة خبز من جيبها وقضمتها ببطء، محاولةً التلذذ بها لأطول فترة ممكنة. الخدم أمثالها في القلعة الداخلية محظوظين حتى ببقايا طعام النبلاء. “سمعت أن الناس في القلعة الخارجية يقتلون بعضهم البعض من أجل رغيف الخبز… على الأقل الوضع هنا في القلعة الداخلية ليس سيئًا إلى هذا الحد.” بسبب الحصار، أصبح سكان المناطق الواقعة داخل أسوار المدينة الخارجية يموتون جوعًا. لم تُتح لهم حتى فرصة نقل محصول هذا العام إلى داخل أسوار المدينة. أصبح الناس يتضورون جوعًا، حتى مع وجود أكوام الحبوب في حقولهم خلف أسوارهم مباشرة. حتى الخدم، الذين كانوا عادةً غافلين عن السياسة، كانوا يعلمون أن الوضع الراهن كارثي. أصبح النبلاء يرتعدون قلقًا، و شائعات جديدة مشؤومة تصل إلى مسامعهم كل يوم. “ومن يهتم إن تغير الملك؟ هذا لا يغير شيئًا في حياتي.” تغيّر وجه الخادمة. ذابت قطعة الخبز التي تأكلها تمامًا في فمها، لكنها ما زالت جائعة كما قبل.

طرقت باب الغرفة. واجبها جمع غسيل النبلاء.
“تفضلي بالدخول.”
رد صوت لطيف.
‘سيدة جميلة جدًا. أتساءل ما هي مكانتها.’
كخادمة متواضعة، لم تكن تعرف رتب النبلاء الذين يأتون ضيوفًا هنا. هي تؤدي عملها فحسب.
” همم، لاحظتُ أن الوجبات سيئة جدًا مؤخرًا. من الصعب العثور على الفواكه واللحوم.”
في الغرفة، جلست سيدة شقراء على كرسيها. عيناها صافيتان زرقاوتان، جمالٌ يلفت الأنظار.
“هذا لأن…” ترددت الخادمة.
“أعرف الوضع. لا ألومك.”
قدمت السيدة قطعة خبز مخبوزة جيدًا. اتسعت عينا الخادمة.
“هل هذا من أجلي؟”
“همم، هل ترفضين لطفي؟”
“لا، لا! شكرًا لكِ سيدتي!”
أخذت الخادمة الخبز بسرعة وأخفته في سلة الغسيل. بدا لعابها يسيل بالفعل.
انحنت السيدة إلى الأمام، ونظرت إلى الخادمة.
” أنتِ قبيحةٌ حقًا. لكن لو كنتِ أجمل، لما كنتِ تحملين الغسيل في سنكِ، حيثُ يُفترض أن يكون لديكِ طفلٌ الآن.”
قالت السيدة ساخرة.
أومأت الخادمة بهدوء. تعلم أنها غير جذابة. لو كانت جميلة، لربما أصبحت محظية أحد النبلاء. لم يعد لديها كبرياء لتجرحها مثل هذه التعليقات القاسية.
“في الواقع، أنت على حق تمامًا، شكرًا لك سيدتي ” تحدثت بأدب وغادرت بالغسيل.
“لابد أن الأمور سيئة جدًا.”
تمتمت السيدة في نفسها بعد مغادرة الخادمة. لقد أصبحت معزولة عن أخبار الخارج. لم يُكلف الدوق هارماتي نفسه عناء إبلاغها بتدهور الوضع.
“لم يزرني الدوق هارماتي منذ عودته. لا بد أنه يخجل من مواجهتي.”

الفصل 88 ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ترجمة: ســاد ▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬ وصل باهيل وفيليون إلى مقدمة المعسكر. كان الجنود يملؤهم التكهنات. “هل تم التأكد من هوياتهم؟” أمسك فيليون بجندي وسأله. “نحن نتحقق منهم الآن.” راقب جنديٌّ ثاقب البصر الجدار. هناك ثلاثة سجناء مُعلّقين على أعمدة جدران القلعة، لكن وجوههم مُدمّاة، وبالكاد يُمكن التعرّف عليهم. “يوريتش ليس هناك.” تنفس باهيل بعد أن حدق في الحائط. يعلم أن يوريتش لم يكن بين الجنود الأسرى دون أن يرى وجوههم. كان ضخم الجسد. بين الجنود المعلقين على الحائط، لم يكن أحدٌ ضخم الجسد كيوريتش. أدرك فيليون أيضًا أن يوريتش لم يكن موجودًا. مسح العرق عن جبينه بارتياح بعد أن رأى باهيل قد هدأ. “أشعر بالأسف لتفكيري بهذا الأمر، وهؤلاء الجنود في حالة يرثى لها، لكن لحسن الحظ أن يوريتش ليس بينهم. كان ذلك ليُعرّض مهمتنا بأكملها للخطر.” بدا أن الجنود الأسرى على الجدار قد تعرضوا لتعذيب شديد. مصيرهم الموت على أي حال. “الدوق هارماتي هو الملك الحقيقي لبوركانا، وهو النبيل الذي سيُقوّيها!” صرخ سجين مُقيّد ببوابة المدينة. بدا صوته مُرتجفًا. “الأمير فاركا الضعيف والهزيل لن يُظلم مستقبل بوركانا إلا! سيتجاهل بالتأكيد أنين وصراخ شعبه بينما يُغذي بطن الإمبراطورية!” قال سجين آخر كلماتٍ مسمومة عن باهيل. أصبح السجناء في حالةٍ غريبة من شدة التعذيب. “هراء، هذا هراء.” زفر الجنود. لقد انقلبت الأمور رأسًا على عقب بحيث لم يعد هذا التحريض مجديًا. “اذهب واحضر راميًا. لنُخرجهم من بؤسهم.” بدا مصير الجنود الأسرى واضحًا. فعلى عكس النبلاء، لم يكن لديهم من يدفع فديةً. فكان الموت السريع خيارهم الأمثل. زوو! تقدم جنديٌّ معروفٌ بمهارته في الرماية. يحمل قوسًا طويلًا بذراعيه القويتين. سحب وتر القوس بعيدًا إلى الخلف، مُصوّبًا بحذر. بوو! بعد بضع محاولات فاشلة، وصلت السهام أخيرًا إلى الجدار. فخفّ ألم الجنود الأسرى المربوطين بالأعمدة. “من فضلك ارحمني يا لو.” تمتم الرامي وهو يضع قوسه. أمسك بقلادته الشمس وطلب العفو من لو. مع أن الأمر كان حتميًا، إلا أنه قتل رفاقه. “سيكون يوريتش على قيد الحياة ” اقترب فيليون من باهيل وقال له. “وماذا لو مات بالفعل؟” تحدث باهيل بسخرية، وهو ينظر إلى السجناء الموتى. بدأ يلوم نفسه على موت رجاله. “شعرتُ بالارتياح لعدم رؤية يوريتش بينهم. مع أن هؤلاء الرجال قاتلوا من أجلي وأُسروا… إلا أنني كنتُ سعيدًا لأن يوريتش لم يُقبض عليه.” لو السجناء يعرفون أفكار باهيل، لكانوا قد أمطروه بكل أنواع اللعنات. “التفكير السلبي لن يُجدي نفعًا. الحصار مُحكم. هارماتي لن يصمد طويلًا. هذه العملية ستزيد من الاضطرابات داخل القلعة.” أجبر باهيل نفسه على الإيماء. “سأصبح ملكًا. حتى لو مات يوريتش في هذه العملية، يجب أن أواصل طريقي.” أصبح يعبث بقلادته الشمس، يفكر في من ضحوا بحياتهم من أجله. ترك ذلك مرارة في فمه. “ابقى على قيد الحياة، يوريتش.” لم يكن يتمنى شيئًا آخر. رفع باهيل عينيه الزرقاوين، ونظر إلى جدران القلعة. * * * بوو! استيقظ يوريتش على صوت طيور النورس. صرّ جسده وصرخ احتجاجًا، بعد أن نام في الشق الضيق.

*إقرأ* رواياتنا* فقط* على* مو*قع م*لوك الرو*ايات ko*lno*vel ko*lno*vel. com

بدا شعرها الأشقر الذهبي وعيناها الزرقاوان الداكنتان مميزتين. أي شخص ذي بصيرة وثقافة سيتمكن من تخمين هويتها بسهولة.
“بالنظر إلى كل تلك الضجة التي حدثت الليلة الماضية، فلا بد أن شيئًا ما قد حدث، ولكن لا أحد يكلف نفسه عناء إخباري بما يحدث.”
قام دوق هارماتي بعزلها بشكل كامل.
“مذهل يا فاركا. لتخيل أنك ستواجه الدوق هارماتي بمساواة. لم أتخيل ذلك قط. حتى عندما سمعت أنك هربت من المملكة، ظننت أنك ستموت في مكان ما.”
لم تكن الوحيدة التي راودتها هذه الأفكار. لم يشك أحد من نبلاء بوركانا في انتصار هارماتي. منذ تولي هارماتي ولاية العهد بعد مرض الملك الحالي، توقع الجميع أن يكون هارماتي هو الملك القادم، وليس الأمير فاركا.
“لماذا تحولت الأمور بهذه الطريقة؟”
فكرت السيدة وهي تتكئ على ذقنها.
“هل فيليون، مستشار فاركا، أكثر كفاءة مما كنتُ أتوقع؟ كنتُ أراه فارسًا يشيخ دون مجد، لكن ربما أخطأتُ التقدير.”
بسبب المعلومات المحدودة التي حصلت عليها، لم تتمكن من العثور على إجابة لنفسها.
“تنهد.”
ارتعشت شفتاها الحمراوان. حدقت من النافذة. غرفتها من أجمل غرف القلعة الداخلية، بإطلالة على الحديقة والأفق.
“عندما وصلت إلى هنا لأول مرة، اعتدت أن أشاهد غروب الشمس من هذه النافذة مرارًا وتكرارًا، ولكن بغض النظر عن مدى جماله، فإنك في النهاية تشعر بالملل منه.”
لم تشاهد غروب الشمس منذ أسابيع. تلاشى الإحساس الأولي.
“لكن مصير المرأة أشد مأساوية. مهما بلغت من الجمال، يتلاشى جمالها تدريجيًا، إن لم يكن قبيحًا.”
“ بالنظر إلى زهرة ذابلة. فإزهار الزهرة ليس إلا لحظةً عابرةً في حياتها.”ابتعدت عن النافذة وجلست. أشعلت شمعة وبدأت القراءة.
بوو!
جاء صوت صرير من خارج النافذة، لكنه كان حدثًا شائعًا في قلعة هارماتي الداخلية، حيث نسيم البحر تتداخل مع النوافذ والجدران، مما يخلق أصواتًا غريبة.
“هل لم أقفل النافذة بشكل صحيح؟”
وضعت علامة في كتابها ووقفت لتتحقق من النافذة.
بوو!
اخترقت يدٌ قذرة النافذة. دخلت الأصابع فم السيدة، مانعةً إياها من الصراخ.
بوو!
اندفعت شخصية ضخمة عبر إطار النافذة، ممزقةً حوافها، ورائحتها كريهة. بدا جسده كله أسود كما لو تدحرج في حفرة طينية.
“ه …”
اتسعت عينا السيدة الزرقاوان من الصدمة.
“متسلل.”
بدا الرجل يتمتع بهالة شرسة، مع وجود فؤوس معلقة بشكل واضح على خصره.
“همم؟ وجهك يبدو مألوفًا لسبب ما.”
ألقى الدخيل، يوريتش، نظرةً فاحصةً على وجه السيدة. حدّق قليلاً، متعرّفاً على ملامحها.
“شعر أشقر، عيون زرقاء باهيل.”
ابتسم يوريتش بسرور، وكشف عن أسنانه.
“الأميرة داميا؟”
سأل يوريتش، وأومأت السيدة برأسها.
“ها! عرفتك من أول وهلة! لا تتخيلين كم مرة فعلتها وأنا أتخيل جسدك.”
شكت السيدة واظهرت تعبيرًا غير مصدق.
“ماذا يعني بذلك؟ ماذا يفعل؟”

طرقت باب الغرفة. واجبها جمع غسيل النبلاء. “تفضلي بالدخول.” رد صوت لطيف. ‘سيدة جميلة جدًا. أتساءل ما هي مكانتها.’ كخادمة متواضعة، لم تكن تعرف رتب النبلاء الذين يأتون ضيوفًا هنا. هي تؤدي عملها فحسب. ” همم، لاحظتُ أن الوجبات سيئة جدًا مؤخرًا. من الصعب العثور على الفواكه واللحوم.” في الغرفة، جلست سيدة شقراء على كرسيها. عيناها صافيتان زرقاوتان، جمالٌ يلفت الأنظار. “هذا لأن…” ترددت الخادمة. “أعرف الوضع. لا ألومك.” قدمت السيدة قطعة خبز مخبوزة جيدًا. اتسعت عينا الخادمة. “هل هذا من أجلي؟” “همم، هل ترفضين لطفي؟” “لا، لا! شكرًا لكِ سيدتي!” أخذت الخادمة الخبز بسرعة وأخفته في سلة الغسيل. بدا لعابها يسيل بالفعل. انحنت السيدة إلى الأمام، ونظرت إلى الخادمة. ” أنتِ قبيحةٌ حقًا. لكن لو كنتِ أجمل، لما كنتِ تحملين الغسيل في سنكِ، حيثُ يُفترض أن يكون لديكِ طفلٌ الآن.” قالت السيدة ساخرة. أومأت الخادمة بهدوء. تعلم أنها غير جذابة. لو كانت جميلة، لربما أصبحت محظية أحد النبلاء. لم يعد لديها كبرياء لتجرحها مثل هذه التعليقات القاسية. “في الواقع، أنت على حق تمامًا، شكرًا لك سيدتي ” تحدثت بأدب وغادرت بالغسيل. “لابد أن الأمور سيئة جدًا.” تمتمت السيدة في نفسها بعد مغادرة الخادمة. لقد أصبحت معزولة عن أخبار الخارج. لم يُكلف الدوق هارماتي نفسه عناء إبلاغها بتدهور الوضع. “لم يزرني الدوق هارماتي منذ عودته. لا بد أنه يخجل من مواجهتي.”

 

ضغط يوريتش على قبضته ونقر بخفة على قلبه. “تمامًا كما عبرت جبال السماء، سيعبر باهيل نهاية العالم للعثور على القارة الشرقية.” بعد أن استعاد أنفاسه، لاحظ يوريتش الحديقة خلف السور الداخلي. بدا الباب الخلفي المؤدي إلى الداخل واضحًا للعيان. رأى الناس يمرون من النوافذ بين الحين والآخر. من داخل القلعة، لم يُلاحظ يوريتش المختبئ في الحديقة. “انظر إلى هذا المنحدر، فلا عجب أنهم لا يملكون أي حراس متمركزين هنا.”” ابتسم يوريتش وهو ينظر إلى الجرف الذي تسلقه. أصبح فخورًا بنفسه جدًا. بعد غروب الشمس، ازدادت رائحة الزهور قوة. داس يوريتش الحديقة بخطوات ثقيلة ليدخل القلعة الداخلية، وكل خطوة منها تُسبب ذبول الزهور. طغت الرائحة الكريهة ورائحة الدم القوية على رائحة الزهور. * * * بدا الجو داخل القلعة الداخلية كئيبًا. مرّ أكثر من شهر على انقطاع التواصل مع العالم الخارجي. بدأت المؤن التي خزّنوها مسبقًا بالتناقص. و حصص السكان ذوي الرتب الأدنى أول ما يُقطع. “آه، أنا جائعة.” خادمة تحمل الغسيل، لمست معدتها الجائعة. أخرجت قطعة خبز من جيبها وقضمتها ببطء، محاولةً التلذذ بها لأطول فترة ممكنة. الخدم أمثالها في القلعة الداخلية محظوظين حتى ببقايا طعام النبلاء. “سمعت أن الناس في القلعة الخارجية يقتلون بعضهم البعض من أجل رغيف الخبز… على الأقل الوضع هنا في القلعة الداخلية ليس سيئًا إلى هذا الحد.” بسبب الحصار، أصبح سكان المناطق الواقعة داخل أسوار المدينة الخارجية يموتون جوعًا. لم تُتح لهم حتى فرصة نقل محصول هذا العام إلى داخل أسوار المدينة. أصبح الناس يتضورون جوعًا، حتى مع وجود أكوام الحبوب في حقولهم خلف أسوارهم مباشرة. حتى الخدم، الذين كانوا عادةً غافلين عن السياسة، كانوا يعلمون أن الوضع الراهن كارثي. أصبح النبلاء يرتعدون قلقًا، و شائعات جديدة مشؤومة تصل إلى مسامعهم كل يوم. “ومن يهتم إن تغير الملك؟ هذا لا يغير شيئًا في حياتي.” تغيّر وجه الخادمة. ذابت قطعة الخبز التي تأكلها تمامًا في فمها، لكنها ما زالت جائعة كما قبل.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

Comment

اترك تعليقاً

Ads Blocker Image Powered by Code Help Pro

تم كشف مانع اعلانات

للتخلص من جميع الاعلانات، نقدم لك موقعنا المدفوع kolnovel.com

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط