الفصل 89
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ
ترجمة: ســاد
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
الشعر الأشقر والعيون الزرقاء، إلى جانب الجمال الأخّاذ، من سمات عائلة بوركانا الملكية. بدا باهيل ذو عيون زرقاء ومعروفًا بوسامته، حتى الدوق هارماتي بدا رجلًا وسيمًا بشعره الأشقر.
امتلكت الأميرة داميا كل هذه الصفات الملكية، مما جعلها ذات جمال نادر. حتى وجهها العابس والمُحير له سحره الخاص بفضل مظهرها الرائع.
“ماذا تفعل الأميرة داميا هنا؟”
“توقع معسكر باهيل وجود الأميرة في القلعة الملكية. ”بدا يوريتش في حيرة من أمره.
“أصدري صوتًا، وٍاقتلك في لحظة. فهمت؟” هدد يوريتش بابتسامة. أومأت داميا برأسها.
“أشعر وكأنني سأتقيأ.”
لم تصادف داميا رائحةً كريهةً كهذه من قبل، فشعرت بالغثيان.
أزال يوريتش أصابعه من فم داميا. انحنت الأميرة لتبصق لعابها الملطخ بالبني، وهي تتقيأ من الرائحة الكريهة والمذاق الكريه. “هل لديك ماءٌ لأغتسل به؟ اضطررتُ للتدحرج في كومةٍ من البراز، لذا أشعرُ باشمئزازٍ شديدٍ الآن.” نظر يوريتش حوله فوجد حوضًا فيه ماء. غسل يديه ووجهه أولًا. “من أنتَ؟” قالت داميا وهي تُخرِج خنجرها للدفاع عن النفس وتُصوِّبه نحو يوريتش. لم تستدعِ الحراس بتهوُّر. “اسمي يوريتش. هلا وضعتُ لعبة الأطفال تلك جانبًا؟ أنتم أشقاء متشابهون، أليس كذلك؟ أول ما تفعلانه عندما ترونني هو إخراج سكين صغير.” توجه يوريتش نحو داميا وأمسك بالخنجر من شفرته. بوو! لم تستطع داميا أن تُضاهي قوة يوريتش. طار الخنجر على الحائط. “آه، آه.” حدقت داميا في الخنجر الذي أصبح الآن ملقى على الأرض. “احتفظي بألعابك حتى وقت اللعب في المنزل.” لم تظهر أي دماء على راحة يد يوريتش، التي كانت تمسك بالخنجر من شفرته، فقط مسامير متشققة قليلاً على يده التي تشبه مخلب الدب. ” إذا كنتَ من فصيل الأمير، فأجثو أمامي. أنا داميا لينيو بوركانا. إذا كنتَ تخدم فاركا، فعليكَ أن تخدمني كما تخدمه!” تكلمت داميا بتصلب، وهي تكافح لمقاومة هالة يوريتش المهيبة. شعرت وكأن ساقيها ستنهاران في أي لحظة. “لا، أنا مرتزق. صاحب عملي هو باهيل… أوه فاركا، هذا كل شيء. لا أستمع إلا لما يقوله لي صاحب عملي. لذا، ليس لديّ ما يدفعني للاستماع إليك.” اتسعت عينا داميا. فقد سمعت شائعات عن استعانة باهيل بمجموعة من المرتزقة في محاولته للهروب من مملكة بوركانا. “أخوة يوريتش.” فهمت الآن بوضوح مع من تتعامل. “زعيم المرتزقة يوريتش.” “هل تعرفينني؟” تحدث يوريتش، وهو يتفقد الممر خارج الغرفة بإيجاز. لم يكن هناك أحد في الغرفة. بوو! بعد استطلاع المكان، أغلق يوريتش الباب. أفزع الصوت داميا، فامتلأت عيناها بالخوف. الرجل أمامها مرتزق لا يحركه سوى المال. الوفاء أو الشهامة أمر لا يُتوقع من مثل هؤلاء الرجال. “أسوأ سيناريو… لا أريد حتى التفكير فيه. يا له من رجل وحشي.” عرفت داميا جمالها. أي رجل عاقل سيرغب بها. جمالها الأشقر وعيونها الزرقاء، من ندرة الدم الملكي. أي رجل سيشعر برغبة في مضاجعتها. “اجلسي. لن أطيل الحديث. أنا هنا من أجل رأس الدوق هارماتي. دلني إليه. يبدو أنِ رهينة، وبما أنك أخت باهيل، أعتقد أنني أستطيع الوثوق بك. آه، عندما أقول باهيل، أعني فاركا. إنه يتحدث عنك كثيرًا.” تحدث يوريتش بهدوء. تفاجأت داميا. توقعت كلامًا فجًا من فم يوريتش، مثل: “هههه، يا له من جسدٍ رائع!”. “يتحدث كما لو كان قريبًا من فاركا.” تأملت داميا وهي تضع إصبعها على شفتيها. ما علاقة أخيها بهذا المرتزق؟ لماذا جاء قائد مرتزقة إلى هنا بمفرده؟ هل يظن حقًا أنه سيغادر هذا المكان حيًا بعد قطع رأس الدوق؟ ” لا تُرهقي نفسك كثيرًا، وإلا سأضطر لشق رأسك. لن أرحمك لمجرد أنك امرأة ” هدّد يوريتش رافعًا فأسه الفولاذي. “هل أنت جاد؟ هل أسمع هذا من مجرد مرتزق؟ هل تجرؤ على إهانتي بهذه الطريقة مع أنك تعرف من أنا؟ هذا وقاحة لا تُصدق.” “الأفكار العميقة غالبا ما تكون سيئة.” أصبحت عينا يوريتش حادة. “إنها جميلة حقًا. ربما أجمل امرأة رأيتها في حياتي… إنها تفوق خيالي بكثير.” في العادة، كان يوريتش ليغازل داميا. هو، كأي رجل آخر، يُحب النساء الجميلات. لكنه رأى الكثير من الرجال يموتون لعجزهم عن التحكم بأعضائهم. “الآن ليس الوقت المناسب للتشتت بسبب امرأة.” على أي حال، داميا بعيدة عن متناول يوريتش. هي أميرة، وليست عاهرة عادية. بعد أن أمضى عامًا في العالم المتحضر، عرف يوريتش أي النساء يمكنه مغازلته وأيهن لا يستطيع. داميا من النوع الثاني. “مجرد تفاحة جميلة ولكنها سامة.” نظر يوريتش إلى داميا. “تغتال الدوق هارماتي بنفسك؟ أنت مجنون أيها المرتزق. بل كيف وصلت إلى هنا أصلًا؟” أشارت داميا له. “إنها تحاول شراء الوقت للتفكير.” أدرك يوريتش نوايا داميا. ارتبكت من ظهوره المفاجئ، وفكرت في كيفية الرد. “كيف؟ تسلقتُ المنحدر الخلفي، بالطبع. الأمر صعبًا للغاية.” “سخيف!” سخرت داميا. “هذا الجرف ليس شيئًا يستطيع بشري تسلقه.” “أنا أقول الحقيقة ” قال يوريتش بصراحة، مما أرسل قشعريرة أسفل العمود الفقري لداميا. “هل تسلق هذا الجرف حقًا؟” كانت داميا تزور الحديقة كثيرًا. بدا الجرف شديد الانحدار، لدرجة أنه بدا أشبه بالتسلق رأسًا على عقب على سقف. فلا عجب في عدم وجود جدار خلف القلعة الداخلية، إذ يُعتقد أنه من المستحيل على أي شخص تسلقه. “دعينا لا ندور حول الموضوع يا سيدتي. أين الدوق هارماتي؟ لا بد أن لديكِ فكرة على الأقل. أخطط لقطع رأسه والعودة إلى باهيل بأسرع وقت ممكن.” صمتت داميا، وعيناها تتسارعان، وأفكارها تتسابق بشكل أسرع من ذي قبل. “هذا المرتزق ينوي في الواقع قتل هارماتي، وهو يعتقد أن هذا ممكن حقًا.” الخط الفاصل بين الجرأة والغباء مبهم. لو كان الوضع مختلفًا، لوصفته بالمتبجح. كل كلمة قالها سخيفة للغاية. “وبعد قطع رأسه؟ كيف ستنجو؟ هل تخطط للقفز من الجرف؟” “بمجرد أن أقطع رأسه، فمن المحتمل أن يستسلم رجاله، أليس كذلك؟” قال يوريتش وهو يخدش خده بلا مبالاة. “هذا تهورٌ كبير. الدوق هارماتي مُحاطٌ دائمًا بحراسه. حتى لو تمكنتَ من اغتياله، سيُحاصرك جنوده في لحظات! لن أمنعك إذا أردتَ مُبادلة حياتك بحياة هارماتي. سأتذكر إخلاصك وإخلاصك لأخي.” تحدثت داميا وهي تحاول إخفاء صوتها المرتجف. كانت ساقاها ترتجفان منذ أن لمسها يوريتش، لكن رداءها الطويل يخفي ذلك. نظر إليها يوريتش بعينيه المفترستين. لم تكن عيناه كعيني رجل رأته من قبل. ” وجهة نظرك صحيحة. لم أخطط مسبقًا لطريق هروب. لكن أولًا، يجب أن يموت هارماتي. بعد ذلك، أنا متأكد أن كل شيء سيسير على ما يرام.” تلعثمت داميا. “ماذا؟” بدا يوريتش متغطرسًا للغاية. ثقته اللامحدودة بنفسه نابعة من قوته البدنية. لطالما وثق بجسده، الذي لم يخنه قط حتى ذلك الحين. إن أراد يوريتش شيئًا، فقد فعل. “لا أظن أنك سمعت ما قلته، لكن هذا ليس عملاً يقوم به مرتزق عادي. أُشيد بمجهودك في التسلل إلى هنا، لكن إذا صرخت الآن، ستموت خلال دقائق.”” حاولت داميا استعادة السيطرة على هذا التبادل بالتهديدات. أما يوريتش، فسخر منها. ” هل ستصرخين؟ لو تحدثت بصوت أعلى من المعتاد، ستكسر يدي رقبتك الهشة. سيكون الأمر سهلاً أيضًا. أتظنين أنني لا أستطيع قتلك؟ ربما لو كنت فارسًا لن أفعل، لكنني بربري. قاسٍ، بلا قلب، بلا أخلاق ولا ضمير. سأخبر أخاك الصغير العزيز أنها كانت حادثة، وسيصدقني.” تحركت أكتاف يوريتش مع أنفاسه. أصبحت عيناه شرستين كالجاموس، وأصابع قدميه ترتعش، مستعدةً للانقضاض في أي لحظة. بالنسبة لداميا، بدا يوريتش كيانًا يفوق فهمها. أصبحت مرعوبة منه. “خذني إلى الأمير. هذا بحد ذاته إنجاز عظيم. الاغتيال ما هو إلا انتحار. يا قائد المرتزقة يوريتش، سأمنحك مخرجًا من هنا. يبدو أنني وجدتُ خلاصي أيضًا.” عضت داميا شفتها السفلى برفق. فكّر يوريتش، ثم تكلم. “بما أنكِ أخت باهيل، فسأثق بكِ. لكن تذكري، من يكذب عليّ لا ينجو.” حذّر يوريتش. أدرك شيئًا وهو يتحدث مع داميا. “إنها ذكية.” لطالما نصح محاربو القبائل القدماء بالحذر من النساء الذكيات. لم يفهم الرجال النساء قط، مما جعلهن لغزًا بالنسبة لهم. لطالما جلب المجهول الفضول والخوف. * * * جميع النبلاء المقيمين في قلعة هارماتي يحلمون بحلم مشترك: وهو التمتع بجمال بوركانا، حتى ولو لليلة واحدة فقط. كانت إقامة الأميرة داميا في قلعة هارماتي سرًا مكشوفًا. ورغم أن النبلاء ينادونها “سيدة”، إلا أنهم جميعًا يعرفون هويتها. “في خضم ما قد يكون أيامنا الأخيرة في هذه الحقبة المأساوية… ما يخطر ببالي هو لطفك. إن أحضرتَ قاربك تحت الحديقة الليلة، فسأركض بسعادة حافيًا لأُنزل حبل الفرح. زهرة السرور، وهي تتذكر لقاءنا، تنتظر وبراعمها متفتحة.” أصبح الكونت زايرون، الذي لا يزال غير متزوج، مسرورًا للغاية عندما تلقى هذه الرسالة التي سلمتها له خادمة. “لقد لاحظتني!” الكونت زايرون قد رأى الأميرة داميا من قبل في قلعة هارماتي. رحب بها بعينيه، لكنها أدارت رأسها بعيدًا، متجاهلةً إياه على ما يبدو. “لم تكن تتجاهلني، بل كانت خجولة فقط! يا لها من امرأة قوية.” قبل عامين، التقى زايرون بالأميرة داميا في مأدبة. تبادلا أطراف الحديث مطولاً، وبدا أن كلاً منهما يستمتع بصحبة الآخر، حتى أنه فكّر لو سارت الأمور على ما يرام، لربما اصطحبها إلى حديقة منعزلة. “لو لم يقاطعني الأمير فاركا… ذلك الأمير الأحمق! دائمًا ما يقف في طريقي، حتى مع هذه الحرب!” في ذلك الوقت، كان الأمير فاركا قد تطفل ببهجة بين داميا وزايرون. انكسر الجو، ومنذ ذلك الحين، لم تتح لزايرون فرصة لمواجهتها مجددًا. “شعرنا بتواصلٍ في أعيننا. لا بد أنها كانت تنتظر فرصةً للقاء بي.” الحرب تميل ضدهم، لكن الكونت زايرون، الموالي لهارماتي، لم يكن لديه خطة أخرى. هارماتي لا يزال يُحكم قبضته على أسياده. “إذا تحول الحظ إلى سوء، حتى رأسي قد يتدحرج.” حتى لو انتصر الأمير فاركا، فلن يُقتل أمراء صغار مثل زايرون. إعدام جميع الأمراء بعد أي تمرد يُخلّف فجوات إدارية ويثير ردود فعل عنيفة من العائلات النبيلة المترابطة. سيُعدم المتآمرون الرئيسيون مثل الدوق هارماتي أو الدوق سيفر، وقد يُطلق سراح آخرين مقابل فدية. هذه هي طبيعة الحروب الأهلية بين النبلاء. الضحايا الحقيقيون الوحيدون كانوا دائمًا عامة الناس. “إذا الأميرة معجبة بي حقًا، ربما أتمكن من السعي للحصول على منصب الزوج.” في العائلة المالكة، يتم استخدام الأميرة في كثير من الأحيان لإتمام الزيجات المدبرة التي من شأنها أن تعود بالنفع على العائلة، ولكن هناك استثناءات. “شعاع من النور في الظلام.” وبينما قضيبه منتصب، تخيل زايرون الأميرة الجميلة بوضوح. ضحك ضحكة خفيفة، متخيلًا زواجهما وحياتهما اللاحقة. “حتى خط يدها مُغرٍ. لا أطيق الانتظار لأرى إن كان جسدها بنفس الإغراء في السرير. ههه.” طوى زايرون الورقة بعناية، ووضعها في جيبه. أمر خدمه بإعداد قارب صغير، وأخرج نبيذه المفضل. أما العشاء، فأعدّ بعض اللحم، الذي أصبح نادرًا.
أزال يوريتش أصابعه من فم داميا. انحنت الأميرة لتبصق لعابها الملطخ بالبني، وهي تتقيأ من الرائحة الكريهة والمذاق الكريه.
“هل لديك ماءٌ لأغتسل به؟ اضطررتُ للتدحرج في كومةٍ من البراز، لذا أشعرُ باشمئزازٍ شديدٍ الآن.”
نظر يوريتش حوله فوجد حوضًا فيه ماء. غسل يديه ووجهه أولًا.
“من أنتَ؟” قالت داميا وهي تُخرِج خنجرها للدفاع عن النفس وتُصوِّبه نحو يوريتش. لم تستدعِ الحراس بتهوُّر.
“اسمي يوريتش. هلا وضعتُ لعبة الأطفال تلك جانبًا؟ أنتم أشقاء متشابهون، أليس كذلك؟ أول ما تفعلانه عندما ترونني هو إخراج سكين صغير.”
توجه يوريتش نحو داميا وأمسك بالخنجر من شفرته.
بوو!
لم تستطع داميا أن تُضاهي قوة يوريتش. طار الخنجر على الحائط.
“آه، آه.”
حدقت داميا في الخنجر الذي أصبح الآن ملقى على الأرض.
“احتفظي بألعابك حتى وقت اللعب في المنزل.”
لم تظهر أي دماء على راحة يد يوريتش، التي كانت تمسك بالخنجر من شفرته، فقط مسامير متشققة قليلاً على يده التي تشبه مخلب الدب.
” إذا كنتَ من فصيل الأمير، فأجثو أمامي. أنا داميا لينيو بوركانا. إذا كنتَ تخدم فاركا، فعليكَ أن تخدمني كما تخدمه!”
تكلمت داميا بتصلب، وهي تكافح لمقاومة هالة يوريتش المهيبة. شعرت وكأن ساقيها ستنهاران في أي لحظة.
“لا، أنا مرتزق. صاحب عملي هو باهيل… أوه فاركا، هذا كل شيء. لا أستمع إلا لما يقوله لي صاحب عملي. لذا، ليس لديّ ما يدفعني للاستماع إليك.”
اتسعت عينا داميا. فقد سمعت شائعات عن استعانة باهيل بمجموعة من المرتزقة في محاولته للهروب من مملكة بوركانا.
“أخوة يوريتش.”
فهمت الآن بوضوح مع من تتعامل.
“زعيم المرتزقة يوريتش.”
“هل تعرفينني؟” تحدث يوريتش، وهو يتفقد الممر خارج الغرفة بإيجاز. لم يكن هناك أحد في الغرفة.
بوو!
بعد استطلاع المكان، أغلق يوريتش الباب. أفزع الصوت داميا، فامتلأت عيناها بالخوف. الرجل أمامها مرتزق لا يحركه سوى المال. الوفاء أو الشهامة أمر لا يُتوقع من مثل هؤلاء الرجال.
“أسوأ سيناريو… لا أريد حتى التفكير فيه. يا له من رجل وحشي.”
عرفت داميا جمالها. أي رجل عاقل سيرغب بها. جمالها الأشقر وعيونها الزرقاء، من ندرة الدم الملكي. أي رجل سيشعر برغبة في مضاجعتها.
“اجلسي. لن أطيل الحديث. أنا هنا من أجل رأس الدوق هارماتي. دلني إليه. يبدو أنِ رهينة، وبما أنك أخت باهيل، أعتقد أنني أستطيع الوثوق بك. آه، عندما أقول باهيل، أعني فاركا. إنه يتحدث عنك كثيرًا.”
تحدث يوريتش بهدوء. تفاجأت داميا. توقعت كلامًا فجًا من فم يوريتش، مثل: “هههه، يا له من جسدٍ رائع!”.
“يتحدث كما لو كان قريبًا من فاركا.”
تأملت داميا وهي تضع إصبعها على شفتيها. ما علاقة أخيها بهذا المرتزق؟ لماذا جاء قائد مرتزقة إلى هنا بمفرده؟ هل يظن حقًا أنه سيغادر هذا المكان حيًا بعد قطع رأس الدوق؟
” لا تُرهقي نفسك كثيرًا، وإلا سأضطر لشق رأسك. لن أرحمك لمجرد أنك امرأة ” هدّد يوريتش رافعًا فأسه الفولاذي.
“هل أنت جاد؟ هل أسمع هذا من مجرد مرتزق؟ هل تجرؤ على إهانتي بهذه الطريقة مع أنك تعرف من أنا؟ هذا وقاحة لا تُصدق.”
“الأفكار العميقة غالبا ما تكون سيئة.” أصبحت عينا يوريتش حادة.
“إنها جميلة حقًا. ربما أجمل امرأة رأيتها في حياتي… إنها تفوق خيالي بكثير.”
في العادة، كان يوريتش ليغازل داميا. هو، كأي رجل آخر، يُحب النساء الجميلات. لكنه رأى الكثير من الرجال يموتون لعجزهم عن التحكم بأعضائهم.
“الآن ليس الوقت المناسب للتشتت بسبب امرأة.”
على أي حال، داميا بعيدة عن متناول يوريتش. هي أميرة، وليست عاهرة عادية. بعد أن أمضى عامًا في العالم المتحضر، عرف يوريتش أي النساء يمكنه مغازلته وأيهن لا يستطيع. داميا من النوع الثاني.
“مجرد تفاحة جميلة ولكنها سامة.”
نظر يوريتش إلى داميا.
“تغتال الدوق هارماتي بنفسك؟ أنت مجنون أيها المرتزق. بل كيف وصلت إلى هنا أصلًا؟”
أشارت داميا له.
“إنها تحاول شراء الوقت للتفكير.”
أدرك يوريتش نوايا داميا. ارتبكت من ظهوره المفاجئ، وفكرت في كيفية الرد.
“كيف؟ تسلقتُ المنحدر الخلفي، بالطبع. الأمر صعبًا للغاية.”
“سخيف!”
سخرت داميا. “هذا الجرف ليس شيئًا يستطيع بشري تسلقه.”
“أنا أقول الحقيقة ” قال يوريتش بصراحة، مما أرسل قشعريرة أسفل العمود الفقري لداميا.
“هل تسلق هذا الجرف حقًا؟”
كانت داميا تزور الحديقة كثيرًا. بدا الجرف شديد الانحدار، لدرجة أنه بدا أشبه بالتسلق رأسًا على عقب على سقف. فلا عجب في عدم وجود جدار خلف القلعة الداخلية، إذ يُعتقد أنه من المستحيل على أي شخص تسلقه.
“دعينا لا ندور حول الموضوع يا سيدتي. أين الدوق هارماتي؟ لا بد أن لديكِ فكرة على الأقل. أخطط لقطع رأسه والعودة إلى باهيل بأسرع وقت ممكن.”
صمتت داميا، وعيناها تتسارعان، وأفكارها تتسابق بشكل أسرع من ذي قبل.
“هذا المرتزق ينوي في الواقع قتل هارماتي، وهو يعتقد أن هذا ممكن حقًا.”
الخط الفاصل بين الجرأة والغباء مبهم. لو كان الوضع مختلفًا، لوصفته بالمتبجح. كل كلمة قالها سخيفة للغاية.
“وبعد قطع رأسه؟ كيف ستنجو؟ هل تخطط للقفز من الجرف؟”
“بمجرد أن أقطع رأسه، فمن المحتمل أن يستسلم رجاله، أليس كذلك؟” قال يوريتش وهو يخدش خده بلا مبالاة.
“هذا تهورٌ كبير. الدوق هارماتي مُحاطٌ دائمًا بحراسه. حتى لو تمكنتَ من اغتياله، سيُحاصرك جنوده في لحظات! لن أمنعك إذا أردتَ مُبادلة حياتك بحياة هارماتي. سأتذكر إخلاصك وإخلاصك لأخي.”
تحدثت داميا وهي تحاول إخفاء صوتها المرتجف. كانت ساقاها ترتجفان منذ أن لمسها يوريتش، لكن رداءها الطويل يخفي ذلك.
نظر إليها يوريتش بعينيه المفترستين. لم تكن عيناه كعيني رجل رأته من قبل.
” وجهة نظرك صحيحة. لم أخطط مسبقًا لطريق هروب. لكن أولًا، يجب أن يموت هارماتي. بعد ذلك، أنا متأكد أن كل شيء سيسير على ما يرام.”
تلعثمت داميا.
“ماذا؟”
بدا يوريتش متغطرسًا للغاية. ثقته اللامحدودة بنفسه نابعة من قوته البدنية. لطالما وثق بجسده، الذي لم يخنه قط حتى ذلك الحين. إن أراد يوريتش شيئًا، فقد فعل.
“لا أظن أنك سمعت ما قلته، لكن هذا ليس عملاً يقوم به مرتزق عادي. أُشيد بمجهودك في التسلل إلى هنا، لكن إذا صرخت الآن، ستموت خلال دقائق.””
حاولت داميا استعادة السيطرة على هذا التبادل بالتهديدات. أما يوريتش، فسخر منها.
” هل ستصرخين؟ لو تحدثت بصوت أعلى من المعتاد، ستكسر يدي رقبتك الهشة. سيكون الأمر سهلاً أيضًا. أتظنين أنني لا أستطيع قتلك؟ ربما لو كنت فارسًا لن أفعل، لكنني بربري. قاسٍ، بلا قلب، بلا أخلاق ولا ضمير. سأخبر أخاك الصغير العزيز أنها كانت حادثة، وسيصدقني.”
تحركت أكتاف يوريتش مع أنفاسه. أصبحت عيناه شرستين كالجاموس، وأصابع قدميه ترتعش، مستعدةً للانقضاض في أي لحظة.
بالنسبة لداميا، بدا يوريتش كيانًا يفوق فهمها. أصبحت مرعوبة منه.
“خذني إلى الأمير. هذا بحد ذاته إنجاز عظيم. الاغتيال ما هو إلا انتحار. يا قائد المرتزقة يوريتش، سأمنحك مخرجًا من هنا. يبدو أنني وجدتُ خلاصي أيضًا.”
عضت داميا شفتها السفلى برفق. فكّر يوريتش، ثم تكلم.
“بما أنكِ أخت باهيل، فسأثق بكِ. لكن تذكري، من يكذب عليّ لا ينجو.”
حذّر يوريتش. أدرك شيئًا وهو يتحدث مع داميا.
“إنها ذكية.”
لطالما نصح محاربو القبائل القدماء بالحذر من النساء الذكيات. لم يفهم الرجال النساء قط، مما جعلهن لغزًا بالنسبة لهم. لطالما جلب المجهول الفضول والخوف.
* * *
جميع النبلاء المقيمين في قلعة هارماتي يحلمون بحلم مشترك: وهو التمتع بجمال بوركانا، حتى ولو لليلة واحدة فقط.
كانت إقامة الأميرة داميا في قلعة هارماتي سرًا مكشوفًا. ورغم أن النبلاء ينادونها “سيدة”، إلا أنهم جميعًا يعرفون هويتها.
“في خضم ما قد يكون أيامنا الأخيرة في هذه الحقبة المأساوية… ما يخطر ببالي هو لطفك. إن أحضرتَ قاربك تحت الحديقة الليلة، فسأركض بسعادة حافيًا لأُنزل حبل الفرح. زهرة السرور، وهي تتذكر لقاءنا، تنتظر وبراعمها متفتحة.”
أصبح الكونت زايرون، الذي لا يزال غير متزوج، مسرورًا للغاية عندما تلقى هذه الرسالة التي سلمتها له خادمة.
“لقد لاحظتني!”
الكونت زايرون قد رأى الأميرة داميا من قبل في قلعة هارماتي. رحب بها بعينيه، لكنها أدارت رأسها بعيدًا، متجاهلةً إياه على ما يبدو.
“لم تكن تتجاهلني، بل كانت خجولة فقط! يا لها من امرأة قوية.”
قبل عامين، التقى زايرون بالأميرة داميا في مأدبة. تبادلا أطراف الحديث مطولاً، وبدا أن كلاً منهما يستمتع بصحبة الآخر، حتى أنه فكّر لو سارت الأمور على ما يرام، لربما اصطحبها إلى حديقة منعزلة.
“لو لم يقاطعني الأمير فاركا… ذلك الأمير الأحمق! دائمًا ما يقف في طريقي، حتى مع هذه الحرب!”
في ذلك الوقت، كان الأمير فاركا قد تطفل ببهجة بين داميا وزايرون. انكسر الجو، ومنذ ذلك الحين، لم تتح لزايرون فرصة لمواجهتها مجددًا.
“شعرنا بتواصلٍ في أعيننا. لا بد أنها كانت تنتظر فرصةً للقاء بي.”
الحرب تميل ضدهم، لكن الكونت زايرون، الموالي لهارماتي، لم يكن لديه خطة أخرى. هارماتي لا يزال يُحكم قبضته على أسياده.
“إذا تحول الحظ إلى سوء، حتى رأسي قد يتدحرج.”
حتى لو انتصر الأمير فاركا، فلن يُقتل أمراء صغار مثل زايرون. إعدام جميع الأمراء بعد أي تمرد يُخلّف فجوات إدارية ويثير ردود فعل عنيفة من العائلات النبيلة المترابطة. سيُعدم المتآمرون الرئيسيون مثل الدوق هارماتي أو الدوق سيفر، وقد يُطلق سراح آخرين مقابل فدية. هذه هي طبيعة الحروب الأهلية بين النبلاء. الضحايا الحقيقيون الوحيدون كانوا دائمًا عامة الناس.
“إذا الأميرة معجبة بي حقًا، ربما أتمكن من السعي للحصول على منصب الزوج.”
في العائلة المالكة، يتم استخدام الأميرة في كثير من الأحيان لإتمام الزيجات المدبرة التي من شأنها أن تعود بالنفع على العائلة، ولكن هناك استثناءات.
“شعاع من النور في الظلام.”
وبينما قضيبه منتصب، تخيل زايرون الأميرة الجميلة بوضوح. ضحك ضحكة خفيفة، متخيلًا زواجهما وحياتهما اللاحقة.
“حتى خط يدها مُغرٍ. لا أطيق الانتظار لأرى إن كان جسدها بنفس الإغراء في السرير. ههه.”
طوى زايرون الورقة بعناية، ووضعها في جيبه. أمر خدمه بإعداد قارب صغير، وأخرج نبيذه المفضل. أما العشاء، فأعدّ بعض اللحم، الذي أصبح نادرًا.
أزال يوريتش أصابعه من فم داميا. انحنت الأميرة لتبصق لعابها الملطخ بالبني، وهي تتقيأ من الرائحة الكريهة والمذاق الكريه. “هل لديك ماءٌ لأغتسل به؟ اضطررتُ للتدحرج في كومةٍ من البراز، لذا أشعرُ باشمئزازٍ شديدٍ الآن.” نظر يوريتش حوله فوجد حوضًا فيه ماء. غسل يديه ووجهه أولًا. “من أنتَ؟” قالت داميا وهي تُخرِج خنجرها للدفاع عن النفس وتُصوِّبه نحو يوريتش. لم تستدعِ الحراس بتهوُّر. “اسمي يوريتش. هلا وضعتُ لعبة الأطفال تلك جانبًا؟ أنتم أشقاء متشابهون، أليس كذلك؟ أول ما تفعلانه عندما ترونني هو إخراج سكين صغير.” توجه يوريتش نحو داميا وأمسك بالخنجر من شفرته. بوو! لم تستطع داميا أن تُضاهي قوة يوريتش. طار الخنجر على الحائط. “آه، آه.” حدقت داميا في الخنجر الذي أصبح الآن ملقى على الأرض. “احتفظي بألعابك حتى وقت اللعب في المنزل.” لم تظهر أي دماء على راحة يد يوريتش، التي كانت تمسك بالخنجر من شفرته، فقط مسامير متشققة قليلاً على يده التي تشبه مخلب الدب. ” إذا كنتَ من فصيل الأمير، فأجثو أمامي. أنا داميا لينيو بوركانا. إذا كنتَ تخدم فاركا، فعليكَ أن تخدمني كما تخدمه!” تكلمت داميا بتصلب، وهي تكافح لمقاومة هالة يوريتش المهيبة. شعرت وكأن ساقيها ستنهاران في أي لحظة. “لا، أنا مرتزق. صاحب عملي هو باهيل… أوه فاركا، هذا كل شيء. لا أستمع إلا لما يقوله لي صاحب عملي. لذا، ليس لديّ ما يدفعني للاستماع إليك.” اتسعت عينا داميا. فقد سمعت شائعات عن استعانة باهيل بمجموعة من المرتزقة في محاولته للهروب من مملكة بوركانا. “أخوة يوريتش.” فهمت الآن بوضوح مع من تتعامل. “زعيم المرتزقة يوريتش.” “هل تعرفينني؟” تحدث يوريتش، وهو يتفقد الممر خارج الغرفة بإيجاز. لم يكن هناك أحد في الغرفة. بوو! بعد استطلاع المكان، أغلق يوريتش الباب. أفزع الصوت داميا، فامتلأت عيناها بالخوف. الرجل أمامها مرتزق لا يحركه سوى المال. الوفاء أو الشهامة أمر لا يُتوقع من مثل هؤلاء الرجال. “أسوأ سيناريو… لا أريد حتى التفكير فيه. يا له من رجل وحشي.” عرفت داميا جمالها. أي رجل عاقل سيرغب بها. جمالها الأشقر وعيونها الزرقاء، من ندرة الدم الملكي. أي رجل سيشعر برغبة في مضاجعتها. “اجلسي. لن أطيل الحديث. أنا هنا من أجل رأس الدوق هارماتي. دلني إليه. يبدو أنِ رهينة، وبما أنك أخت باهيل، أعتقد أنني أستطيع الوثوق بك. آه، عندما أقول باهيل، أعني فاركا. إنه يتحدث عنك كثيرًا.” تحدث يوريتش بهدوء. تفاجأت داميا. توقعت كلامًا فجًا من فم يوريتش، مثل: “هههه، يا له من جسدٍ رائع!”. “يتحدث كما لو كان قريبًا من فاركا.” تأملت داميا وهي تضع إصبعها على شفتيها. ما علاقة أخيها بهذا المرتزق؟ لماذا جاء قائد مرتزقة إلى هنا بمفرده؟ هل يظن حقًا أنه سيغادر هذا المكان حيًا بعد قطع رأس الدوق؟ ” لا تُرهقي نفسك كثيرًا، وإلا سأضطر لشق رأسك. لن أرحمك لمجرد أنك امرأة ” هدّد يوريتش رافعًا فأسه الفولاذي. “هل أنت جاد؟ هل أسمع هذا من مجرد مرتزق؟ هل تجرؤ على إهانتي بهذه الطريقة مع أنك تعرف من أنا؟ هذا وقاحة لا تُصدق.” “الأفكار العميقة غالبا ما تكون سيئة.” أصبحت عينا يوريتش حادة. “إنها جميلة حقًا. ربما أجمل امرأة رأيتها في حياتي… إنها تفوق خيالي بكثير.” في العادة، كان يوريتش ليغازل داميا. هو، كأي رجل آخر، يُحب النساء الجميلات. لكنه رأى الكثير من الرجال يموتون لعجزهم عن التحكم بأعضائهم. “الآن ليس الوقت المناسب للتشتت بسبب امرأة.” على أي حال، داميا بعيدة عن متناول يوريتش. هي أميرة، وليست عاهرة عادية. بعد أن أمضى عامًا في العالم المتحضر، عرف يوريتش أي النساء يمكنه مغازلته وأيهن لا يستطيع. داميا من النوع الثاني. “مجرد تفاحة جميلة ولكنها سامة.” نظر يوريتش إلى داميا. “تغتال الدوق هارماتي بنفسك؟ أنت مجنون أيها المرتزق. بل كيف وصلت إلى هنا أصلًا؟” أشارت داميا له. “إنها تحاول شراء الوقت للتفكير.” أدرك يوريتش نوايا داميا. ارتبكت من ظهوره المفاجئ، وفكرت في كيفية الرد. “كيف؟ تسلقتُ المنحدر الخلفي، بالطبع. الأمر صعبًا للغاية.” “سخيف!” سخرت داميا. “هذا الجرف ليس شيئًا يستطيع بشري تسلقه.” “أنا أقول الحقيقة ” قال يوريتش بصراحة، مما أرسل قشعريرة أسفل العمود الفقري لداميا. “هل تسلق هذا الجرف حقًا؟” كانت داميا تزور الحديقة كثيرًا. بدا الجرف شديد الانحدار، لدرجة أنه بدا أشبه بالتسلق رأسًا على عقب على سقف. فلا عجب في عدم وجود جدار خلف القلعة الداخلية، إذ يُعتقد أنه من المستحيل على أي شخص تسلقه. “دعينا لا ندور حول الموضوع يا سيدتي. أين الدوق هارماتي؟ لا بد أن لديكِ فكرة على الأقل. أخطط لقطع رأسه والعودة إلى باهيل بأسرع وقت ممكن.” صمتت داميا، وعيناها تتسارعان، وأفكارها تتسابق بشكل أسرع من ذي قبل. “هذا المرتزق ينوي في الواقع قتل هارماتي، وهو يعتقد أن هذا ممكن حقًا.” الخط الفاصل بين الجرأة والغباء مبهم. لو كان الوضع مختلفًا، لوصفته بالمتبجح. كل كلمة قالها سخيفة للغاية. “وبعد قطع رأسه؟ كيف ستنجو؟ هل تخطط للقفز من الجرف؟” “بمجرد أن أقطع رأسه، فمن المحتمل أن يستسلم رجاله، أليس كذلك؟” قال يوريتش وهو يخدش خده بلا مبالاة. “هذا تهورٌ كبير. الدوق هارماتي مُحاطٌ دائمًا بحراسه. حتى لو تمكنتَ من اغتياله، سيُحاصرك جنوده في لحظات! لن أمنعك إذا أردتَ مُبادلة حياتك بحياة هارماتي. سأتذكر إخلاصك وإخلاصك لأخي.” تحدثت داميا وهي تحاول إخفاء صوتها المرتجف. كانت ساقاها ترتجفان منذ أن لمسها يوريتش، لكن رداءها الطويل يخفي ذلك. نظر إليها يوريتش بعينيه المفترستين. لم تكن عيناه كعيني رجل رأته من قبل. ” وجهة نظرك صحيحة. لم أخطط مسبقًا لطريق هروب. لكن أولًا، يجب أن يموت هارماتي. بعد ذلك، أنا متأكد أن كل شيء سيسير على ما يرام.” تلعثمت داميا. “ماذا؟” بدا يوريتش متغطرسًا للغاية. ثقته اللامحدودة بنفسه نابعة من قوته البدنية. لطالما وثق بجسده، الذي لم يخنه قط حتى ذلك الحين. إن أراد يوريتش شيئًا، فقد فعل. “لا أظن أنك سمعت ما قلته، لكن هذا ليس عملاً يقوم به مرتزق عادي. أُشيد بمجهودك في التسلل إلى هنا، لكن إذا صرخت الآن، ستموت خلال دقائق.”” حاولت داميا استعادة السيطرة على هذا التبادل بالتهديدات. أما يوريتش، فسخر منها. ” هل ستصرخين؟ لو تحدثت بصوت أعلى من المعتاد، ستكسر يدي رقبتك الهشة. سيكون الأمر سهلاً أيضًا. أتظنين أنني لا أستطيع قتلك؟ ربما لو كنت فارسًا لن أفعل، لكنني بربري. قاسٍ، بلا قلب، بلا أخلاق ولا ضمير. سأخبر أخاك الصغير العزيز أنها كانت حادثة، وسيصدقني.” تحركت أكتاف يوريتش مع أنفاسه. أصبحت عيناه شرستين كالجاموس، وأصابع قدميه ترتعش، مستعدةً للانقضاض في أي لحظة. بالنسبة لداميا، بدا يوريتش كيانًا يفوق فهمها. أصبحت مرعوبة منه. “خذني إلى الأمير. هذا بحد ذاته إنجاز عظيم. الاغتيال ما هو إلا انتحار. يا قائد المرتزقة يوريتش، سأمنحك مخرجًا من هنا. يبدو أنني وجدتُ خلاصي أيضًا.” عضت داميا شفتها السفلى برفق. فكّر يوريتش، ثم تكلم. “بما أنكِ أخت باهيل، فسأثق بكِ. لكن تذكري، من يكذب عليّ لا ينجو.” حذّر يوريتش. أدرك شيئًا وهو يتحدث مع داميا. “إنها ذكية.” لطالما نصح محاربو القبائل القدماء بالحذر من النساء الذكيات. لم يفهم الرجال النساء قط، مما جعلهن لغزًا بالنسبة لهم. لطالما جلب المجهول الفضول والخوف. * * * جميع النبلاء المقيمين في قلعة هارماتي يحلمون بحلم مشترك: وهو التمتع بجمال بوركانا، حتى ولو لليلة واحدة فقط. كانت إقامة الأميرة داميا في قلعة هارماتي سرًا مكشوفًا. ورغم أن النبلاء ينادونها “سيدة”، إلا أنهم جميعًا يعرفون هويتها. “في خضم ما قد يكون أيامنا الأخيرة في هذه الحقبة المأساوية… ما يخطر ببالي هو لطفك. إن أحضرتَ قاربك تحت الحديقة الليلة، فسأركض بسعادة حافيًا لأُنزل حبل الفرح. زهرة السرور، وهي تتذكر لقاءنا، تنتظر وبراعمها متفتحة.” أصبح الكونت زايرون، الذي لا يزال غير متزوج، مسرورًا للغاية عندما تلقى هذه الرسالة التي سلمتها له خادمة. “لقد لاحظتني!” الكونت زايرون قد رأى الأميرة داميا من قبل في قلعة هارماتي. رحب بها بعينيه، لكنها أدارت رأسها بعيدًا، متجاهلةً إياه على ما يبدو. “لم تكن تتجاهلني، بل كانت خجولة فقط! يا لها من امرأة قوية.” قبل عامين، التقى زايرون بالأميرة داميا في مأدبة. تبادلا أطراف الحديث مطولاً، وبدا أن كلاً منهما يستمتع بصحبة الآخر، حتى أنه فكّر لو سارت الأمور على ما يرام، لربما اصطحبها إلى حديقة منعزلة. “لو لم يقاطعني الأمير فاركا… ذلك الأمير الأحمق! دائمًا ما يقف في طريقي، حتى مع هذه الحرب!” في ذلك الوقت، كان الأمير فاركا قد تطفل ببهجة بين داميا وزايرون. انكسر الجو، ومنذ ذلك الحين، لم تتح لزايرون فرصة لمواجهتها مجددًا. “شعرنا بتواصلٍ في أعيننا. لا بد أنها كانت تنتظر فرصةً للقاء بي.” الحرب تميل ضدهم، لكن الكونت زايرون، الموالي لهارماتي، لم يكن لديه خطة أخرى. هارماتي لا يزال يُحكم قبضته على أسياده. “إذا تحول الحظ إلى سوء، حتى رأسي قد يتدحرج.” حتى لو انتصر الأمير فاركا، فلن يُقتل أمراء صغار مثل زايرون. إعدام جميع الأمراء بعد أي تمرد يُخلّف فجوات إدارية ويثير ردود فعل عنيفة من العائلات النبيلة المترابطة. سيُعدم المتآمرون الرئيسيون مثل الدوق هارماتي أو الدوق سيفر، وقد يُطلق سراح آخرين مقابل فدية. هذه هي طبيعة الحروب الأهلية بين النبلاء. الضحايا الحقيقيون الوحيدون كانوا دائمًا عامة الناس. “إذا الأميرة معجبة بي حقًا، ربما أتمكن من السعي للحصول على منصب الزوج.” في العائلة المالكة، يتم استخدام الأميرة في كثير من الأحيان لإتمام الزيجات المدبرة التي من شأنها أن تعود بالنفع على العائلة، ولكن هناك استثناءات. “شعاع من النور في الظلام.” وبينما قضيبه منتصب، تخيل زايرون الأميرة الجميلة بوضوح. ضحك ضحكة خفيفة، متخيلًا زواجهما وحياتهما اللاحقة. “حتى خط يدها مُغرٍ. لا أطيق الانتظار لأرى إن كان جسدها بنفس الإغراء في السرير. ههه.” طوى زايرون الورقة بعناية، ووضعها في جيبه. أمر خدمه بإعداد قارب صغير، وأخرج نبيذه المفضل. أما العشاء، فأعدّ بعض اللحم، الذي أصبح نادرًا.
أزال يوريتش أصابعه من فم داميا. انحنت الأميرة لتبصق لعابها الملطخ بالبني، وهي تتقيأ من الرائحة الكريهة والمذاق الكريه. “هل لديك ماءٌ لأغتسل به؟ اضطررتُ للتدحرج في كومةٍ من البراز، لذا أشعرُ باشمئزازٍ شديدٍ الآن.” نظر يوريتش حوله فوجد حوضًا فيه ماء. غسل يديه ووجهه أولًا. “من أنتَ؟” قالت داميا وهي تُخرِج خنجرها للدفاع عن النفس وتُصوِّبه نحو يوريتش. لم تستدعِ الحراس بتهوُّر. “اسمي يوريتش. هلا وضعتُ لعبة الأطفال تلك جانبًا؟ أنتم أشقاء متشابهون، أليس كذلك؟ أول ما تفعلانه عندما ترونني هو إخراج سكين صغير.” توجه يوريتش نحو داميا وأمسك بالخنجر من شفرته. بوو! لم تستطع داميا أن تُضاهي قوة يوريتش. طار الخنجر على الحائط. “آه، آه.” حدقت داميا في الخنجر الذي أصبح الآن ملقى على الأرض. “احتفظي بألعابك حتى وقت اللعب في المنزل.” لم تظهر أي دماء على راحة يد يوريتش، التي كانت تمسك بالخنجر من شفرته، فقط مسامير متشققة قليلاً على يده التي تشبه مخلب الدب. ” إذا كنتَ من فصيل الأمير، فأجثو أمامي. أنا داميا لينيو بوركانا. إذا كنتَ تخدم فاركا، فعليكَ أن تخدمني كما تخدمه!” تكلمت داميا بتصلب، وهي تكافح لمقاومة هالة يوريتش المهيبة. شعرت وكأن ساقيها ستنهاران في أي لحظة. “لا، أنا مرتزق. صاحب عملي هو باهيل… أوه فاركا، هذا كل شيء. لا أستمع إلا لما يقوله لي صاحب عملي. لذا، ليس لديّ ما يدفعني للاستماع إليك.” اتسعت عينا داميا. فقد سمعت شائعات عن استعانة باهيل بمجموعة من المرتزقة في محاولته للهروب من مملكة بوركانا. “أخوة يوريتش.” فهمت الآن بوضوح مع من تتعامل. “زعيم المرتزقة يوريتش.” “هل تعرفينني؟” تحدث يوريتش، وهو يتفقد الممر خارج الغرفة بإيجاز. لم يكن هناك أحد في الغرفة. بوو! بعد استطلاع المكان، أغلق يوريتش الباب. أفزع الصوت داميا، فامتلأت عيناها بالخوف. الرجل أمامها مرتزق لا يحركه سوى المال. الوفاء أو الشهامة أمر لا يُتوقع من مثل هؤلاء الرجال. “أسوأ سيناريو… لا أريد حتى التفكير فيه. يا له من رجل وحشي.” عرفت داميا جمالها. أي رجل عاقل سيرغب بها. جمالها الأشقر وعيونها الزرقاء، من ندرة الدم الملكي. أي رجل سيشعر برغبة في مضاجعتها. “اجلسي. لن أطيل الحديث. أنا هنا من أجل رأس الدوق هارماتي. دلني إليه. يبدو أنِ رهينة، وبما أنك أخت باهيل، أعتقد أنني أستطيع الوثوق بك. آه، عندما أقول باهيل، أعني فاركا. إنه يتحدث عنك كثيرًا.” تحدث يوريتش بهدوء. تفاجأت داميا. توقعت كلامًا فجًا من فم يوريتش، مثل: “هههه، يا له من جسدٍ رائع!”. “يتحدث كما لو كان قريبًا من فاركا.” تأملت داميا وهي تضع إصبعها على شفتيها. ما علاقة أخيها بهذا المرتزق؟ لماذا جاء قائد مرتزقة إلى هنا بمفرده؟ هل يظن حقًا أنه سيغادر هذا المكان حيًا بعد قطع رأس الدوق؟ ” لا تُرهقي نفسك كثيرًا، وإلا سأضطر لشق رأسك. لن أرحمك لمجرد أنك امرأة ” هدّد يوريتش رافعًا فأسه الفولاذي. “هل أنت جاد؟ هل أسمع هذا من مجرد مرتزق؟ هل تجرؤ على إهانتي بهذه الطريقة مع أنك تعرف من أنا؟ هذا وقاحة لا تُصدق.” “الأفكار العميقة غالبا ما تكون سيئة.” أصبحت عينا يوريتش حادة. “إنها جميلة حقًا. ربما أجمل امرأة رأيتها في حياتي… إنها تفوق خيالي بكثير.” في العادة، كان يوريتش ليغازل داميا. هو، كأي رجل آخر، يُحب النساء الجميلات. لكنه رأى الكثير من الرجال يموتون لعجزهم عن التحكم بأعضائهم. “الآن ليس الوقت المناسب للتشتت بسبب امرأة.” على أي حال، داميا بعيدة عن متناول يوريتش. هي أميرة، وليست عاهرة عادية. بعد أن أمضى عامًا في العالم المتحضر، عرف يوريتش أي النساء يمكنه مغازلته وأيهن لا يستطيع. داميا من النوع الثاني. “مجرد تفاحة جميلة ولكنها سامة.” نظر يوريتش إلى داميا. “تغتال الدوق هارماتي بنفسك؟ أنت مجنون أيها المرتزق. بل كيف وصلت إلى هنا أصلًا؟” أشارت داميا له. “إنها تحاول شراء الوقت للتفكير.” أدرك يوريتش نوايا داميا. ارتبكت من ظهوره المفاجئ، وفكرت في كيفية الرد. “كيف؟ تسلقتُ المنحدر الخلفي، بالطبع. الأمر صعبًا للغاية.” “سخيف!” سخرت داميا. “هذا الجرف ليس شيئًا يستطيع بشري تسلقه.” “أنا أقول الحقيقة ” قال يوريتش بصراحة، مما أرسل قشعريرة أسفل العمود الفقري لداميا. “هل تسلق هذا الجرف حقًا؟” كانت داميا تزور الحديقة كثيرًا. بدا الجرف شديد الانحدار، لدرجة أنه بدا أشبه بالتسلق رأسًا على عقب على سقف. فلا عجب في عدم وجود جدار خلف القلعة الداخلية، إذ يُعتقد أنه من المستحيل على أي شخص تسلقه. “دعينا لا ندور حول الموضوع يا سيدتي. أين الدوق هارماتي؟ لا بد أن لديكِ فكرة على الأقل. أخطط لقطع رأسه والعودة إلى باهيل بأسرع وقت ممكن.” صمتت داميا، وعيناها تتسارعان، وأفكارها تتسابق بشكل أسرع من ذي قبل. “هذا المرتزق ينوي في الواقع قتل هارماتي، وهو يعتقد أن هذا ممكن حقًا.” الخط الفاصل بين الجرأة والغباء مبهم. لو كان الوضع مختلفًا، لوصفته بالمتبجح. كل كلمة قالها سخيفة للغاية. “وبعد قطع رأسه؟ كيف ستنجو؟ هل تخطط للقفز من الجرف؟” “بمجرد أن أقطع رأسه، فمن المحتمل أن يستسلم رجاله، أليس كذلك؟” قال يوريتش وهو يخدش خده بلا مبالاة. “هذا تهورٌ كبير. الدوق هارماتي مُحاطٌ دائمًا بحراسه. حتى لو تمكنتَ من اغتياله، سيُحاصرك جنوده في لحظات! لن أمنعك إذا أردتَ مُبادلة حياتك بحياة هارماتي. سأتذكر إخلاصك وإخلاصك لأخي.” تحدثت داميا وهي تحاول إخفاء صوتها المرتجف. كانت ساقاها ترتجفان منذ أن لمسها يوريتش، لكن رداءها الطويل يخفي ذلك. نظر إليها يوريتش بعينيه المفترستين. لم تكن عيناه كعيني رجل رأته من قبل. ” وجهة نظرك صحيحة. لم أخطط مسبقًا لطريق هروب. لكن أولًا، يجب أن يموت هارماتي. بعد ذلك، أنا متأكد أن كل شيء سيسير على ما يرام.” تلعثمت داميا. “ماذا؟” بدا يوريتش متغطرسًا للغاية. ثقته اللامحدودة بنفسه نابعة من قوته البدنية. لطالما وثق بجسده، الذي لم يخنه قط حتى ذلك الحين. إن أراد يوريتش شيئًا، فقد فعل. “لا أظن أنك سمعت ما قلته، لكن هذا ليس عملاً يقوم به مرتزق عادي. أُشيد بمجهودك في التسلل إلى هنا، لكن إذا صرخت الآن، ستموت خلال دقائق.”” حاولت داميا استعادة السيطرة على هذا التبادل بالتهديدات. أما يوريتش، فسخر منها. ” هل ستصرخين؟ لو تحدثت بصوت أعلى من المعتاد، ستكسر يدي رقبتك الهشة. سيكون الأمر سهلاً أيضًا. أتظنين أنني لا أستطيع قتلك؟ ربما لو كنت فارسًا لن أفعل، لكنني بربري. قاسٍ، بلا قلب، بلا أخلاق ولا ضمير. سأخبر أخاك الصغير العزيز أنها كانت حادثة، وسيصدقني.” تحركت أكتاف يوريتش مع أنفاسه. أصبحت عيناه شرستين كالجاموس، وأصابع قدميه ترتعش، مستعدةً للانقضاض في أي لحظة. بالنسبة لداميا، بدا يوريتش كيانًا يفوق فهمها. أصبحت مرعوبة منه. “خذني إلى الأمير. هذا بحد ذاته إنجاز عظيم. الاغتيال ما هو إلا انتحار. يا قائد المرتزقة يوريتش، سأمنحك مخرجًا من هنا. يبدو أنني وجدتُ خلاصي أيضًا.” عضت داميا شفتها السفلى برفق. فكّر يوريتش، ثم تكلم. “بما أنكِ أخت باهيل، فسأثق بكِ. لكن تذكري، من يكذب عليّ لا ينجو.” حذّر يوريتش. أدرك شيئًا وهو يتحدث مع داميا. “إنها ذكية.” لطالما نصح محاربو القبائل القدماء بالحذر من النساء الذكيات. لم يفهم الرجال النساء قط، مما جعلهن لغزًا بالنسبة لهم. لطالما جلب المجهول الفضول والخوف. * * * جميع النبلاء المقيمين في قلعة هارماتي يحلمون بحلم مشترك: وهو التمتع بجمال بوركانا، حتى ولو لليلة واحدة فقط. كانت إقامة الأميرة داميا في قلعة هارماتي سرًا مكشوفًا. ورغم أن النبلاء ينادونها “سيدة”، إلا أنهم جميعًا يعرفون هويتها. “في خضم ما قد يكون أيامنا الأخيرة في هذه الحقبة المأساوية… ما يخطر ببالي هو لطفك. إن أحضرتَ قاربك تحت الحديقة الليلة، فسأركض بسعادة حافيًا لأُنزل حبل الفرح. زهرة السرور، وهي تتذكر لقاءنا، تنتظر وبراعمها متفتحة.” أصبح الكونت زايرون، الذي لا يزال غير متزوج، مسرورًا للغاية عندما تلقى هذه الرسالة التي سلمتها له خادمة. “لقد لاحظتني!” الكونت زايرون قد رأى الأميرة داميا من قبل في قلعة هارماتي. رحب بها بعينيه، لكنها أدارت رأسها بعيدًا، متجاهلةً إياه على ما يبدو. “لم تكن تتجاهلني، بل كانت خجولة فقط! يا لها من امرأة قوية.” قبل عامين، التقى زايرون بالأميرة داميا في مأدبة. تبادلا أطراف الحديث مطولاً، وبدا أن كلاً منهما يستمتع بصحبة الآخر، حتى أنه فكّر لو سارت الأمور على ما يرام، لربما اصطحبها إلى حديقة منعزلة. “لو لم يقاطعني الأمير فاركا… ذلك الأمير الأحمق! دائمًا ما يقف في طريقي، حتى مع هذه الحرب!” في ذلك الوقت، كان الأمير فاركا قد تطفل ببهجة بين داميا وزايرون. انكسر الجو، ومنذ ذلك الحين، لم تتح لزايرون فرصة لمواجهتها مجددًا. “شعرنا بتواصلٍ في أعيننا. لا بد أنها كانت تنتظر فرصةً للقاء بي.” الحرب تميل ضدهم، لكن الكونت زايرون، الموالي لهارماتي، لم يكن لديه خطة أخرى. هارماتي لا يزال يُحكم قبضته على أسياده. “إذا تحول الحظ إلى سوء، حتى رأسي قد يتدحرج.” حتى لو انتصر الأمير فاركا، فلن يُقتل أمراء صغار مثل زايرون. إعدام جميع الأمراء بعد أي تمرد يُخلّف فجوات إدارية ويثير ردود فعل عنيفة من العائلات النبيلة المترابطة. سيُعدم المتآمرون الرئيسيون مثل الدوق هارماتي أو الدوق سيفر، وقد يُطلق سراح آخرين مقابل فدية. هذه هي طبيعة الحروب الأهلية بين النبلاء. الضحايا الحقيقيون الوحيدون كانوا دائمًا عامة الناس. “إذا الأميرة معجبة بي حقًا، ربما أتمكن من السعي للحصول على منصب الزوج.” في العائلة المالكة، يتم استخدام الأميرة في كثير من الأحيان لإتمام الزيجات المدبرة التي من شأنها أن تعود بالنفع على العائلة، ولكن هناك استثناءات. “شعاع من النور في الظلام.” وبينما قضيبه منتصب، تخيل زايرون الأميرة الجميلة بوضوح. ضحك ضحكة خفيفة، متخيلًا زواجهما وحياتهما اللاحقة. “حتى خط يدها مُغرٍ. لا أطيق الانتظار لأرى إن كان جسدها بنفس الإغراء في السرير. ههه.” طوى زايرون الورقة بعناية، ووضعها في جيبه. أمر خدمه بإعداد قارب صغير، وأخرج نبيذه المفضل. أما العشاء، فأعدّ بعض اللحم، الذي أصبح نادرًا.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات