اللقاء مجددًا
كرات الضوء المتوهجة، التي لم تحترم أيًا من قوانين الجاذبية وتصرفت كأنها شموس، أبهرت الثلاثي. كانت أشعة الضوء تنعكس وتنحرف عبر البلورات الطبيعية التي تشكلها حبيبات الرمل الشفاف، مما جعل أي محاولة للتوجه أو الاستدلال أمرًا بالغ الصعوبة.
تُركت أقواس قزح متعددة مطبوعة على شبكيات أعينهم، مسببة إحساسًا غريبًا بالدوار والعذاب النفسي في آنٍ واحد. كان هذا أشبه ببروتوكولات الحرمان الحسي المستخدمة في تجارب مشكوك في أخلاقيتها، والتي أثبتت أن بضعة أيام فقط كافية لتحويل رجل سليم إلى كائن نباتي.
ولحسن الحظ، كان جيك هو من يقود المجموعة، مرتديًا نظارته الشمسية الجديدة التي أخرجها بطريقة سحرية من حقيبته، والتي أصبحت بمثابة صندوق عجائب في أعين آيمي وويل. اكتفيا بمتابعة ظله المطمئن، داعين أن يتمكّنوا قريبًا من مغادرة هذا المكان المقفر.
وكانت آيمي تملك أيضًا نظارة شمسية عندما وصلت إلى الكوكب B842، لكنها فقدتها للأسف سريعًا أثناء هروبها المحموم من أجل البقاء بعد دقائق فقط من نقلها إلى هذا العالم.
والخبر السار هو أن الطقس لم يكن شديد الحرارة ولا شديد البرودة. فقد يتوقع المرء حرارة لاهبة في صحراء بلا مياه ولا غيوم، لكن الواقع كان مختلفًا.
كانت لمسة الشمس بالكاد دافئة، وكانت نسمة هواء لطيفة قادمة من اتجاه المكعب الأحمر الذي كانوا يتجهون نحوه، تجعل المشي مقبولًا جدًا. في الواقع، كان أي شيء أفضل من الركض لاهثين، متّسخين ومبللين بالعرق، هروبا من الهاضمين المتعطشين لالتهامهم.
وهذا ما يقودنا إلى خبر جيد آخر: لا وجود للهاضمين. في الواقع، لم يُرَ أي كائن حي. نَفَسٌ من الأمل الجديد في ظل ظروفهم.
لم يتبعهم أي من الوحوش إلى الصحراء، وكانت الكائنات العملاقة قد أصبحت الآن مجرد ذكرى سيئة.
ومع ذلك، ظل جيك واثقًا. فالكثير من الحيوانات تفضل راحة وغنى الغابات على خوض مغامرة في صحراء قاحلة مجهولة من أجل فريسة أو اثنتين.
وبحسب جهاز الأوراكل، كان الوقت قد تجاوز الظهيرة. وكان جيك ينوي التقدم حتى حلول الليل. أولًا لأنه أراد الخروج من هذه الصحراء في أسرع وقت ممكن نظرًا لمحدودية الموارد، وثانيًا لأنه لا يعرف كيف ستكون درجات الحرارة ليلًا في هذا المكان.
حتى في صحارى الأرض، كانت درجات الحرارة ليلًا تقترب من الصفر رغم الحرارة الشديدة نهارًا. وبما أن دفء الشمس في هذا الوقت كان خفيفًا رغم أنه يُفترض أن يكون أوج الحرارة، فمن الأفضل ألا ينتظروا لاكتشاف البرودة الليلية.
وبعد استراحة قصيرة تناولوا فيها بعض الماء ووجبة خفيفة، واصل الثلاثي السير مجددًا. كانت آيمي وويل متعاونين للغاية منذ أن شرح لهم جيك رأيه في الوضع. ليس أن هذا أحدث فرقًا كبيرًا، فقراره كان سيبقى كما هو سواء وافقوا أو لا.
وبينما تقدموا، بدأوا يشعرون بالقلق، وراحوا يهرولون في وقت متأخر من بعد الظهر لكسب بعض الوقت. لا يزال بحر الرمال السياني(أزرق مخضر) يتمدد أمامهم بلا نهاية، حتى أن جيك نفسه بدأ يُبدي علامات التوتر.
كان قد قرر بالفعل قضاء الليل في الصحراء. وكان يأمل فقط أن تكون نظريته خاطئة، وإلا فسيكون ليلهم سيئًا جدًا. وعلى الرغم من قوتهم المتزايدة، إلا أن لأجسادهم حدودًا لما يمكنها تحمله.
فالحر لا يزال يسبب التعرق، والبرد لا يزال يسبب الارتجاف. صحيح أن زيادتهم في القوة والبنية أحدثت فرقًا، لكنها لم تكن كافية. ولو توفرت لهم مصادر خشب، لأمكنهم إشعال نار، لكن أي نبتة عاقلة لم تكن لتظهر نفسها هنا.
أخيرًا، حلّ الليل وقرر جيك الكئيب التخييم. نصبوا الخيمة التي “استعاروها” بصعوبة. ولو لم يتعلم جيك كيف ينصب خيمة في الأشهر الماضية، لأضاعوا وقتًا طويلًا جدًا.
لم تخدعه حواسه، فبمجرد اختفاء شموس الشفق، ظهر قمر فضي مصحوبًا بانخفاض حاد في درجات الحرارة. قمر شبيه جدًا بقمر الأرض بالمناسبة. ربما جُرَّ إلى هنا معهم أيضًا.
والسؤال الآن: “أين ذهبت الأقمار البنفسجية؟”. كانت التغيرات المناخية والمناظر الطبيعية من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى تغيّر السماء، تجعل الاستدلال بالشمس أو النجوم مستحيلًا. لذلك أصبح جهاز الأوراكل لا غنى عنه.
تحولت النسمة التي كانت تلطفهم قبل قليل إلى رياح جليدية تتغلغل في العظام. وبدون مصادر وقود، لم يكن لديهم خيار سوى التكاتف، ملفوفين في أكياس النوم والمعاطف التي في حقائبهم.
من حين لآخر، كانوا يمضغون شرائح لحم الهاضمين المجففة. لم تعالجهم من البرد، لكنها نشرت دفئًا منعشًا من بطونهم ساعدهم على الاستمرار.
ومع ذلك، مرّت الليلة ونجوا منها. وبسبب الملل، قام جيك بتحليل الرمال الشفافة تحت أقدامهم، ليكتشف بغباء أنها كانت في الواقع ملح. ملح ملون، لكنه ملح على كل حال.
رغم النسيم الجليدي، ظلت حبيبات الملح دافئة ومريحة. ومع غياب أي كائنات حية أخرى، من المنطقي أن هذا الملح امتص كل الأثير المحيط من الجو.
وبناءً على هذه الفكرة، قرر أخذ بعض العينات.
وطبعًا، تذوق الملح. وكان طعمه مثل الملح، دون شك. لكن كان هناك شيء إضافي. فبما أن ملح الطعام العادي هو كلوريد الصوديوم، من الضروري توفير البوتاسيوم بكميات معادلة عبر نظام غذائي متنوع وغني بالخضار، لأن هذين المعدنين يعملا سويًا.
وكانت مشاكل ارتفاع ضغط الدم في مجتمعاتنا الحديثة ناتجة بالضبط عن هذا الخلل، لأن الصوديوم يعزز احتباس الماء خارج الخلايا ووظائف حيوية أخرى.
لكن هذا الملح؟ لا مشكلة فيه. معجزة طبيعية غريبة. نسبة مثالية من البوتاسيوم والصوديوم، إلى جانب مجموعة من المعادن الأخرى المهمة مثل المغنيسيوم والكالسيوم، وجميعها متوفرة بيولوجيًا بشكل مثالي.
الكثير من المكملات الغذائية تدّعي تلبية حاجات الجسم من المعادن والفيتامينات، لكنها غالبًا ما تعاني من ضعف الامتصاص أو تُقدم بجرعات زائدة، مما يجعلها غير فعالة أو حتى خطيرة.
لكن هذا الملح لم يكن له تأثير على خصائص الأثير مثل البطاطا الوردية أو لحم الهاضمين. لا يمكنهم أن يحصلوا على كل شيء دائمًا.
لكن من المحتمل أنه مع مرور الوقت، وامتصاص الطاقة من الجو، قد يتحول هذا الملح إلى شيء جديد، يكتسب خصائص لم تكن لديه من قبل.
وعندما أشرقت الشموس، عادت درجات الحرارة للارتفاع، وعاد دفء النهار بطريقة سحرية في دقائق. فككوا خيمتهم بتكاسل، والتهموا شريحة أخرى من اللحم وكوبًا من دم الهاضمين قبل أن ينطلقوا من جديد بلا حماس، إذ ترك برد الليل أثرًا مرهقًا على أجسادهم.
لم يستطع أي منهم النوم نومًا عميقًا. فأي حركة خفيفة كانت تسبب تيارًا باردًا يوقظ الآخرين فورًا. ومع الوقت، لم يجرؤ أحد على التحرك، مما جعل التعافي من المسير الإجباري شبه مستحيل.
لكن، كان هناك مجموعة أخرى من الناجين قريبة منهم، وفي حالة أسوأ بكثير. بل قريبة جدًا.
فما إن استعدوا للمغادرة حتى سمعوا صرخات. أحاسيسهم، التي زادها صمت الصحراء حدة، التقطت تلك الأصوات الجديدة على الفور، فاستدار الثلاثي بسرعة.
على بُعد يقارب الكيلومتر، كانت هناك ست ظلال بشرية رثة، تترنح باتجاههم بألم. جاءت الصرخات من أصوات نسائية وصوت ذكوري تعرف عليه جيك على أنه الفتى المدلل.
كانت أصواتهم مبحوحة، بالكاد مسموعة. وعندما رأى الثلاثي ذلك، وضعوا أغراضهم وانتظروا بصبر. استغرق الأمر حوالي ثلاثين دقيقة ليصل الناجون إليهم، تحت أنظار جيك المتذمرة من ضياع وقته الثمين.
ومع ذلك، وعندما ظهر عليهم الإرهاق وفقدان الاتجاه، حتى شخص منعزل كجيك شعر بالشفقة. لم يتطلب الأمر كثيرًا من الذكاء لإدراك أنهم أصبحوا أقل عددًا منذ أن انفصلوا أعلى التل الثلجي. لا بد أنهم مرّوا بمصاعب.
“يا لها من ملاحظة بارعة، يا شرلوك!” علقت تشي (هل هذا هو إسمها؟ نسيت صراحة) بسخرية.
“شكرًا. أنا أُدهش نفسي أحيانًا.”
وعندما وصلوا أخيرًا إلى المخيم، توقفوا في مكانهم، لا يدرون ما يقولون أو يفعلون. حتى الطفل بقي جامدًا، كجندي في وضع استعداد. وبعد لحظة، كسر الفتى المدلل الصمت بعدما نظف حنجرته:
“هممم، هل يمكننا السفر معكم؟”
“هممم، هل يمكننا السفر معكم؟”
كرات الضوء المتوهجة، التي لم تحترم أيًا من قوانين الجاذبية وتصرفت كأنها شموس، أبهرت الثلاثي. كانت أشعة الضوء تنعكس وتنحرف عبر البلورات الطبيعية التي تشكلها حبيبات الرمل الشفاف، مما جعل أي محاولة للتوجه أو الاستدلال أمرًا بالغ الصعوبة. تُركت أقواس قزح متعددة مطبوعة على شبكيات أعينهم، مسببة إحساسًا غريبًا بالدوار والعذاب النفسي في آنٍ واحد. كان هذا أشبه ببروتوكولات الحرمان الحسي المستخدمة في تجارب مشكوك في أخلاقيتها، والتي أثبتت أن بضعة أيام فقط كافية لتحويل رجل سليم إلى كائن نباتي. ولحسن الحظ، كان جيك هو من يقود المجموعة، مرتديًا نظارته الشمسية الجديدة التي أخرجها بطريقة سحرية من حقيبته، والتي أصبحت بمثابة صندوق عجائب في أعين آيمي وويل. اكتفيا بمتابعة ظله المطمئن، داعين أن يتمكّنوا قريبًا من مغادرة هذا المكان المقفر. وكانت آيمي تملك أيضًا نظارة شمسية عندما وصلت إلى الكوكب B842، لكنها فقدتها للأسف سريعًا أثناء هروبها المحموم من أجل البقاء بعد دقائق فقط من نقلها إلى هذا العالم. والخبر السار هو أن الطقس لم يكن شديد الحرارة ولا شديد البرودة. فقد يتوقع المرء حرارة لاهبة في صحراء بلا مياه ولا غيوم، لكن الواقع كان مختلفًا. كانت لمسة الشمس بالكاد دافئة، وكانت نسمة هواء لطيفة قادمة من اتجاه المكعب الأحمر الذي كانوا يتجهون نحوه، تجعل المشي مقبولًا جدًا. في الواقع، كان أي شيء أفضل من الركض لاهثين، متّسخين ومبللين بالعرق، هروبا من الهاضمين المتعطشين لالتهامهم. وهذا ما يقودنا إلى خبر جيد آخر: لا وجود للهاضمين. في الواقع، لم يُرَ أي كائن حي. نَفَسٌ من الأمل الجديد في ظل ظروفهم. لم يتبعهم أي من الوحوش إلى الصحراء، وكانت الكائنات العملاقة قد أصبحت الآن مجرد ذكرى سيئة. ومع ذلك، ظل جيك واثقًا. فالكثير من الحيوانات تفضل راحة وغنى الغابات على خوض مغامرة في صحراء قاحلة مجهولة من أجل فريسة أو اثنتين. وبحسب جهاز الأوراكل، كان الوقت قد تجاوز الظهيرة. وكان جيك ينوي التقدم حتى حلول الليل. أولًا لأنه أراد الخروج من هذه الصحراء في أسرع وقت ممكن نظرًا لمحدودية الموارد، وثانيًا لأنه لا يعرف كيف ستكون درجات الحرارة ليلًا في هذا المكان. حتى في صحارى الأرض، كانت درجات الحرارة ليلًا تقترب من الصفر رغم الحرارة الشديدة نهارًا. وبما أن دفء الشمس في هذا الوقت كان خفيفًا رغم أنه يُفترض أن يكون أوج الحرارة، فمن الأفضل ألا ينتظروا لاكتشاف البرودة الليلية. وبعد استراحة قصيرة تناولوا فيها بعض الماء ووجبة خفيفة، واصل الثلاثي السير مجددًا. كانت آيمي وويل متعاونين للغاية منذ أن شرح لهم جيك رأيه في الوضع. ليس أن هذا أحدث فرقًا كبيرًا، فقراره كان سيبقى كما هو سواء وافقوا أو لا. وبينما تقدموا، بدأوا يشعرون بالقلق، وراحوا يهرولون في وقت متأخر من بعد الظهر لكسب بعض الوقت. لا يزال بحر الرمال السياني(أزرق مخضر) يتمدد أمامهم بلا نهاية، حتى أن جيك نفسه بدأ يُبدي علامات التوتر. كان قد قرر بالفعل قضاء الليل في الصحراء. وكان يأمل فقط أن تكون نظريته خاطئة، وإلا فسيكون ليلهم سيئًا جدًا. وعلى الرغم من قوتهم المتزايدة، إلا أن لأجسادهم حدودًا لما يمكنها تحمله. فالحر لا يزال يسبب التعرق، والبرد لا يزال يسبب الارتجاف. صحيح أن زيادتهم في القوة والبنية أحدثت فرقًا، لكنها لم تكن كافية. ولو توفرت لهم مصادر خشب، لأمكنهم إشعال نار، لكن أي نبتة عاقلة لم تكن لتظهر نفسها هنا. أخيرًا، حلّ الليل وقرر جيك الكئيب التخييم. نصبوا الخيمة التي “استعاروها” بصعوبة. ولو لم يتعلم جيك كيف ينصب خيمة في الأشهر الماضية، لأضاعوا وقتًا طويلًا جدًا. لم تخدعه حواسه، فبمجرد اختفاء شموس الشفق، ظهر قمر فضي مصحوبًا بانخفاض حاد في درجات الحرارة. قمر شبيه جدًا بقمر الأرض بالمناسبة. ربما جُرَّ إلى هنا معهم أيضًا. والسؤال الآن: “أين ذهبت الأقمار البنفسجية؟”. كانت التغيرات المناخية والمناظر الطبيعية من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى تغيّر السماء، تجعل الاستدلال بالشمس أو النجوم مستحيلًا. لذلك أصبح جهاز الأوراكل لا غنى عنه. تحولت النسمة التي كانت تلطفهم قبل قليل إلى رياح جليدية تتغلغل في العظام. وبدون مصادر وقود، لم يكن لديهم خيار سوى التكاتف، ملفوفين في أكياس النوم والمعاطف التي في حقائبهم. من حين لآخر، كانوا يمضغون شرائح لحم الهاضمين المجففة. لم تعالجهم من البرد، لكنها نشرت دفئًا منعشًا من بطونهم ساعدهم على الاستمرار. ومع ذلك، مرّت الليلة ونجوا منها. وبسبب الملل، قام جيك بتحليل الرمال الشفافة تحت أقدامهم، ليكتشف بغباء أنها كانت في الواقع ملح. ملح ملون، لكنه ملح على كل حال. رغم النسيم الجليدي، ظلت حبيبات الملح دافئة ومريحة. ومع غياب أي كائنات حية أخرى، من المنطقي أن هذا الملح امتص كل الأثير المحيط من الجو. وبناءً على هذه الفكرة، قرر أخذ بعض العينات. وطبعًا، تذوق الملح. وكان طعمه مثل الملح، دون شك. لكن كان هناك شيء إضافي. فبما أن ملح الطعام العادي هو كلوريد الصوديوم، من الضروري توفير البوتاسيوم بكميات معادلة عبر نظام غذائي متنوع وغني بالخضار، لأن هذين المعدنين يعملا سويًا. وكانت مشاكل ارتفاع ضغط الدم في مجتمعاتنا الحديثة ناتجة بالضبط عن هذا الخلل، لأن الصوديوم يعزز احتباس الماء خارج الخلايا ووظائف حيوية أخرى. لكن هذا الملح؟ لا مشكلة فيه. معجزة طبيعية غريبة. نسبة مثالية من البوتاسيوم والصوديوم، إلى جانب مجموعة من المعادن الأخرى المهمة مثل المغنيسيوم والكالسيوم، وجميعها متوفرة بيولوجيًا بشكل مثالي. الكثير من المكملات الغذائية تدّعي تلبية حاجات الجسم من المعادن والفيتامينات، لكنها غالبًا ما تعاني من ضعف الامتصاص أو تُقدم بجرعات زائدة، مما يجعلها غير فعالة أو حتى خطيرة. لكن هذا الملح لم يكن له تأثير على خصائص الأثير مثل البطاطا الوردية أو لحم الهاضمين. لا يمكنهم أن يحصلوا على كل شيء دائمًا. لكن من المحتمل أنه مع مرور الوقت، وامتصاص الطاقة من الجو، قد يتحول هذا الملح إلى شيء جديد، يكتسب خصائص لم تكن لديه من قبل. وعندما أشرقت الشموس، عادت درجات الحرارة للارتفاع، وعاد دفء النهار بطريقة سحرية في دقائق. فككوا خيمتهم بتكاسل، والتهموا شريحة أخرى من اللحم وكوبًا من دم الهاضمين قبل أن ينطلقوا من جديد بلا حماس، إذ ترك برد الليل أثرًا مرهقًا على أجسادهم. لم يستطع أي منهم النوم نومًا عميقًا. فأي حركة خفيفة كانت تسبب تيارًا باردًا يوقظ الآخرين فورًا. ومع الوقت، لم يجرؤ أحد على التحرك، مما جعل التعافي من المسير الإجباري شبه مستحيل. لكن، كان هناك مجموعة أخرى من الناجين قريبة منهم، وفي حالة أسوأ بكثير. بل قريبة جدًا. فما إن استعدوا للمغادرة حتى سمعوا صرخات. أحاسيسهم، التي زادها صمت الصحراء حدة، التقطت تلك الأصوات الجديدة على الفور، فاستدار الثلاثي بسرعة. على بُعد يقارب الكيلومتر، كانت هناك ست ظلال بشرية رثة، تترنح باتجاههم بألم. جاءت الصرخات من أصوات نسائية وصوت ذكوري تعرف عليه جيك على أنه الفتى المدلل. كانت أصواتهم مبحوحة، بالكاد مسموعة. وعندما رأى الثلاثي ذلك، وضعوا أغراضهم وانتظروا بصبر. استغرق الأمر حوالي ثلاثين دقيقة ليصل الناجون إليهم، تحت أنظار جيك المتذمرة من ضياع وقته الثمين. ومع ذلك، وعندما ظهر عليهم الإرهاق وفقدان الاتجاه، حتى شخص منعزل كجيك شعر بالشفقة. لم يتطلب الأمر كثيرًا من الذكاء لإدراك أنهم أصبحوا أقل عددًا منذ أن انفصلوا أعلى التل الثلجي. لا بد أنهم مرّوا بمصاعب. “يا لها من ملاحظة بارعة، يا شرلوك!” علقت تشي (هل هذا هو إسمها؟ نسيت صراحة) بسخرية. “شكرًا. أنا أُدهش نفسي أحيانًا.” وعندما وصلوا أخيرًا إلى المخيم، توقفوا في مكانهم، لا يدرون ما يقولون أو يفعلون. حتى الطفل بقي جامدًا، كجندي في وضع استعداد. وبعد لحظة، كسر الفتى المدلل الصمت بعدما نظف حنجرته:
ترجمة 𝐌𝐨𝐰𝐚𝟗𝐫𝐗
“هممم، هل يمكننا السفر معكم؟”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات